أهل الأصول، ومن الحنفية والشافعية والمحدثين إلى أن الشيء المعين إذا أمر به، كان ذلك الأمر به، نهيا عن الشيء المعين المضاد له. سواء كان الضد واحدًا، كما إذا أمره بالإيمان، فإنه يكون نهيا عن الكفر، وإذا أمره بالحركة، فإنه يكون نهيا عن السكون، أو كان الضد متعددًا، كما إذا أمره بالقيام، فإنه يكون نهيا عن القعود والاضطجاع والسجود وغير ذلك.
وقيل: ليس نهيا عن الضد ولا يقتضيه عقلًا. واختاره الجويني والغزالي وابن الحاجب.
وقيل: إنه نهي عن واحد من الأضداد غير معين. وبه قال جماعة من الحنفية والشافعية والمحدثين.
ومن هؤلاء القائلين بأنه نهي عن الضد، من عمم فقال: إنه نهي عن الضد في الأمر الإيجابي والأمر الندبي. ففي الأول نهي تحريم، وفي الثاني نهي كراهة. ومنهم من خصص ذلك بالأمر الإيجابي دون الندبي.
ومنهم أيضًا من جعل النهي عن الشيء أمرًا بضده، كما جعل الأمر بالشيء نهيا عن ضده"1.
وهذه بعض الأمثلة التي توضح القاعدتين "أي: الأمر بالشيء نهي عن ضده. والنهي عن الشيء أمر بضده":
قوله عز وجل: {وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ} 2 فهذا نهي عن الكتمان، ولكنه في نفس الوقت أمر بضده، وهو التصريح والإظهار.
قوله تعالى: {لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ} 3 فالنهي عن رفع الصوت أمر بخفضه.