وأن المقاصد التبعية هي التي روعي فيها حفظ المكلف. ويدخل فيها حاجياته وكمالياته1.

وواضح أنه هنا يتحدث عن المقاصد العامة للشريعة الإسلامية. بينما الأمثلة التي سبق عرضها تتعلق بالمقاصد الجزئية الخاصة بهذا التشريع أو ذاك. وفي كل من المجالين نجد، مقاصد أصلية أساسية، ومقاصد تابعة مكملة، عمومًا وخصوصًا.

وهذا يعكس مدى التناسق الذي يحكم نظرة إمامنا أبي إسحاق، للشريعة في كلياتها وجزئياتها.

غير أن ما يدعو للاستغراب، هو أن هذه القاعدة التي أصلها، واعتمد عليها مرارًا -وهي أن ما كان خادمًا ومقويا ومكملا لمقصود شرعي، فهو أيضًا مقصود للشارع، تبعًا- هذه القاعدة، نجده قد وهنها عند كلامه على الجهة الأولى مما يعرف به مقصود الشارع2 وذلك عندما قيد الأمر -أو النهي- الذي يستفاد منه قصد الشارع بأن يكون تصريحًا. بمعنى أنه لا تدخل فيه الأوامر والنواهي الضمنية، "كالنهي على أضداد المأمور به3، الذي تضمنه الأمر، والأمر الذي تضمنه النهي عن الشيء. فإن النبي والأمر ههنا -إن قيل بهما- فهما بالقصد الثاني لا بالقصد الأول. فأما إن قيل بالنفي، فالأمر أوضح في عدم القصد. وكذلك المر بما لا يتم المأمور إلا به، المذكور في مسألة "ما لا يتم الواجب إلا به"، فدلالة الأمر والنهي في هذا على مقصود الشارع متنازع فيها، فليس داخلًا فيما نحن فيه. ولذلك قيد الأمر والنهي بالتصريحي4.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015