هريرة، والقاضي أبي حامد، وغيرهم، وقد اعتذر القاضي في "التقريب" والأستاذ أبو إسحاق في أصوله، والشيخ أبو محمد الجويني في "شرح الرسالة" عمن وافق المعتزلة من أصحابنا بأنهم لم يكن لهم قدم راسخ في الكلام. وربما طالعوا كتب المعتزلة فاستحسنوا هذه العبارة، وهي "شكر المنعم واجب بالعقل" فذهبوا إليها غافلين عن تشعبها عن أصول القدرية"1.
ومن غريب ما تصنعه الخصومات والصراعات أن تجد الإمام الغزالي -وهو عملاق الفكر الإسلامي- يخشى ويحذر أن ينسب إليه ما نسب إلى هؤلاء، من التأثر بالمعتزلة. فقد هم أن يصرح بإدراك العقول للمصالح، ولكنه اختار عبارة حذرة. فقال فيما يخص حفظ النفوس وأنه أمر ضروري: "والعقول مشيرة إليه وقاضية به لولا ورود الشرائع. وهو الذي لا يجوز انفكاك شرع عنه عند من يقول بتحسين العقل وتقبيحه2. ونحن وإن قلنا: إن لله سبحانه وتعالى أن يفعل ما شاء بعباده وأنه لا يجب عليه رعاية الصلاح، فلا ننكر إشارة العقول إلى جهة المصالح والمفاسد". إلى أن قال -وهذا هو بيت القصيد- وإنما نبهنا على هذا