وشبيه بهذه الآية، آية البقرة: {وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا} 1 قال القرطبي: "ومعنى كلامهم هذا: الإنكار بلفظ الاستفهام2.

ومن هذا الباب أيضًا، ما جاء في الحديث من أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بأداء دية الجنين الذي قتل هو وأمه، فقام حمل بن النابغة -من عاقلة المرأة القاتلة، المحكوم عليهم بأداء الديتين- فقال: يا رسول الله: كيف أغرم ما لا شرب ولا أكل، ولا نطق ولا استهل؟ فمثل هذا يطل3. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنما هذا من إخوان الكهان" 4.

فقول هذا القائل، هو من قبيل الاستفهام الإنكاري الذي إذا وجه للشارع كان كفرًا أو يكاد. ولهذا غضب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونعته بما نعته به. وقد جاء في شرح النووي على صحيح مسلم: "قال العلماء: إنما ذم سجعه لوجهين: أحدهما أنه عارض به حكم الشرع ورام إبطاله5.

والحقيقة أن الذم ليس موجهًا للسجع، وإنما هو موجه لمضمونه المعارض والمنكر لحكم الله ورسوله.

ففي مثل هذه المواقف يصح الاستدلال بتلك الآيات.

وأما إذا كان السؤال صادرًا عن إيمان تام بالله وصفاته الكمالية، وبعدله وحكمته على الخصوص، تحدوه الرغبة في الفهم والتعلم، ويدفعه التطلع والتشوف إلى مزيد من الاطلاع على حكم الله في تشريعه وتدبيره، فهذا سؤال مشروع لا غبار عليه، بل سؤال محمود غير مذموم، وذلك في حدود الممكن، وفي حدود الأدب اللازم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015