ثم أكد في موضع آخر أن "أئمة الفقه مجمعة على أن أحكام الله تعالى لا تخلو من حكمة ومقصود"1.

وبمثل هذا صرح ابن الحاجب: "فإن الأحكام شرعت لمصالح العباد، بدليل إجماع الأئمة"2.

ونقل المقري عن أشهب: "إن القائسين مجمعون على التعليل، وإن اختلفوا في عين العلة"3.

والشاطبي نفسه -الذي ذكر صراحة وضمنا وجود مخالفين في المسألة- نجده ينص أيضًا: على وجود إجماع على التعليل، وإن كان في عباراته شيء من التحفظ. فهو يقول: "والإجماع على أن الشارع يقصد بالتكليف المصالح على الجملة4 ويقول أيضًا "الشارع وضع الشريعة على اعتبار المصالح باتفاق5.

وقد انتقد العلامة شاه ولي الله الدهلوي منكري التعليل وأنكر عليهم ظنهم أن الشريعة ليست سوى اختبار وتعبد لا اهتمام لها بشيء من المصالح، ثم قال: "وهذا ظن فاسد تكذبه السنة وإجماع القرون المشهود لها بالخير6.

نعم، الإجماع المذكور في هذه الأقوال منصرف أساسًا إلى السلف من جهة وإلى الفقهاء والأصوليين من جهة أخرى. ولكن هذا لا يغض من قيمته في شيء، بل يزيدها؛ لأنه إجماع السلف المقتدي بهم، ولأنه إجماع أهل الاختصاص بعد ذلك.

ومن هنا، فإن خرق بعض المتكلمين، في زمن متأخر لهذا الإجماع، لا يقدح فيه، بل الإجماع قادح فيما ابتدعوه من النظريات والمقولات الجدلية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015