وصلاح وكما قال أيضًا: "وكأن العقول مشيرة إلى إحالة كل حكم على معنى. والاعتراف بالتحكم ضرورة العجز. فإذا وجد وجه -سوى الوجوه الخفية الضعيفة- وجب التعليل به"1.
على أن للتعليل -كما هو معلوم- مسالكه وقوانينه المذكورة في علم أصول الفقه. فلا بد من مراعاتها. فليس لأحد أن يعلل بذوقه وتخمينه، وليس لأحد أن يحكم في شرع الله ظنونه وتوهماته، لأن ذلك معناه: القول على الله، وتقصيده ما لم يقصد.
وقد لخص الفقيه الكبير أبو عبد الله المقري -الذي تقدم عنه أن الأصل في الأحكام العقولية لا التعبد- لخص الموقف السليم من ممارسة التعليل، فقال:
"التدقيق2 في تحقيق حكم المشروعية3: من ملح العلم لا من متينه عند المحققين، بخلاف استنباط علل الأحكام وضبط أماراتها. فلا ينبغي المبالغة في التنقير عن الحكم، لا سيما فيما ظاهره التعبد. إذ لا يؤمن فيه من ارتكاب الخطر والوقوع في الخطأ. وحسب الفقيه من ذلك ما كان منصوصًا، أو ظاهرًا، أو قرير من الظهور. فلا يقال4: الزوال وقت الانقلاب إلى العادة5، فطلب عنده البداية بالعبادة. والعصر وقت الانتشار في طلب المعاش، فقيل لهم: تزودوا قبل ذلك المعاد. والمغرب وقت الانقلاب إلى العادة أيضًا"6.