الدخول في الأسباب المأمور بها، والخروج عن الأسباب المخظورة، والشكر، وغير ذلك من المقامات السنية والأحوال المرضية1.
وذلك أن التعلق بالمسببات، قد ينسينا المسبب الحقيقي، أو ينسينا شكره على ما أعطي من نتائج وثمرات، وقد يكون مرهقًا لصاحبه، لشدة همه وفرث حرصه على المسببات، وخوفه من عدم حصولها، أو حزنه لعدم مجيئها على ما يؤمل.
وكل هذه أكدار وأغيار تبعد المكلف عن "المقامات" السنية والأحوال المرضية.
فإذا تخلص الإنسان من هذه الآفات، واعتدال في التفاته إلى المسببات، واستحضر أن أمرها بيد الله، وصار بتسببه كأنما "يطلب من المسبب2 مقتضى السبب، فكأنه يسأل المسبب باسطًا يد السبب، كما يسأله الشيء باسطًا يد الضراعة3، فقد خرج عن التعلق المذموم بالمسببات، لأن منبع هذه الآفات هو "طلب المسبب من نفس السبب"، والاعتقاد "أن السبب هو المولد للمسبب. فهذا المخوف الذي هو حر بتلك المفاسد المذكورة4.
وكأني بالشاطبي لما اطمأن إلى أنه قد نبه التنبيه الكافي على الآفات التي تنتج عن التعلق المبالغ فيه بالمسببات، عاد إلى ترجيح الكفة الأخرى -ولعلها هي الأصل عنده- وإلى بيان مزاياها وفوائدها، وأعني بها: الالتفات إلى المسببات عند تعاطي أسبابها. ومن ذلك:
1- أن المكلف يكون -بالتفاته إلى المسببات- على بال من النتائج التي يفضي إليها تسببه، سواء كانت حسنة، أو سيئة. وهذا نوع من اعتبار مآلات الأفعال،