شرعت لأجله من المسببات. فالقصد إلى المسببات، وعلى وفق ما قصده الشارع بها، مطلوب -إذًا- من فاعل الأسباب، بينما الذي سبق تقريره أن المكلف غير ملزم بهذا؟!

والشاطبي لم يكن غافلا عن هذا "التناقض" بين ما قرره في كتاب الأحكام وما قرره في كتاب المقاصد. ولهذا نجده في كتاب الأحكام يرود على نفسه الاعتراض بما في كتاب المقاصد "على طريقة الفنفلة: فإن قيل"، كما نجده، بعد أن قرر ما قرره في كتاب المقاصد يقول: "فصل: وإذا حققنا تفصيل المقاصد بالنسبة إلى المكلف، وجدناها ترجع إلى ما ذكر في كتاب الأحكام، وفي مسألة دخول المكلف في الأسباب1، إذ مر هنالك خمسة أوجه منها يؤخذ القصد الموافق والمخالف. فعلى الناظر هنا مراجعة ذلك الموضع، حتى يتبين له ما أراد إن شاء الله2.

والمسألة التي يحيلنا عليها -وهي المسألة السادسة من مسائل الأحكام الوضعية- مبنية على التي قبلها، وهي التي افتتحها بقوله: "إذا ثبت أنه لا يلزم القصد إلى المسبب، فللمكلف ترك القصد إليه بإطلاق، وله القصد إليه3 فلما انتهى من إثبات الخيرة للمكلف، في القصد أو عدمه إلى المسببات، انتقل إلى المسألة التي أحالنا عليها، حيث قال في مطلعها: "إذا تقرر ما تقدم4، فلدخول في الأسباب مراتب تتفرع على القسمين.

فالالتفات إلى المسببات له ثلاث مراتب5.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015