للخلاف بين نظرة الغزالي للإخلاص -وهي نظرة بطبعها التشدد الوصفي- ونظرة تلميذه ابن العربي، وهي نظرة يطبعها التدقيق الفقهي.
ولئن كان متعذرًا على تقديم خلاصة للقضية بكل تشعباتها وآثارها1، فلا يفوتني أن أقدم إحدى أهم النتائج التي قررها بعد تمهيد طويل من النقاشات الرصينة. وهي النتيجة التي توج بها ترجيحاته الخفية لموقف ابن العربي على موقف الغزالي حيث قال: "فحظوظ النفوس المختصة بالإنسان2 لا يمنع اجتماعها مع العبادات. غير أنه لا ينازع في أن إفراد قصد العبادة عن قصد الأمور الدنيوية أولى، ولذلك إذا غلب قصد الدنيا على قصد العبادة كان الحكم للغالب، فلم يعتد بالعبادة، فإن غلب قصد العبادة فالحكم له".
بقيت المسألتان السابعة والثامنة.
أما السابعة، فقد خصصها لموضوع النيابة في الأعمال وهو موضوع داخل في صميم قصد الشارع في دخول المكلف تحت أحكام التكليف:
فالأعمال التي هي من قبيل المعاملات، كعقد العقود، وتنفيذها وحلها، وأداء الالتزامات المالية، تصح النيابة فيها شرعًا، "لأن الحكمة التي يطلب بها المكلف في ذلك كله صالحة أن يأتي بها سواه".
وإذن، فصحة النيابة في الأعمال رهينة بتحقيق حكمتها، أو مقصودها، فحيثما تحققت الحكمة من النائب صحت النيابة. وحيثما توقف تحقيق الحكمة على المكلف الأصلي لم تصح النيابة.