- المسألة الأولى: أن فقهاء المذهب المالكي، يجدون في المسألة الواحدة أقوالًا متعارضة، كلها مروي عن إمام المذهب، وقد تصل هذه الأقوال إلى ثلاثة أو أربعة، وهم يفتون بجميع هذه الأقوال، ويعتمدونها على ما بينها من تعارض يقتضي أن بعضها مرجوع عنه، فلا عمل به، فهو كالدليل الشرعي المنسوخ، مع أن أهل الأصول متفقون على أنه إذا ورد من العالم قولان متضادان، ولم يعلم المتقدم من المتأخر، لم يؤخذ له بواحد منهما، لاحتمال أن يكون المأخوذ به هو المرجوع عنه.
- المسألة الثانية: وهي شبيهة بالأولى، ومبنية عليها، وهي: إذا اختلفت الروايات في المذهب، فهل يصح للقائل أن يقول: هذا مذهب مالك في المسألة، وهو إنما يعني إحدى تلك الروايات فقط؟ وهل يكون في ذلك بريء الذمة، في نسبة ما نسب إلى مالك، وهو غير متأكد منه؟
- المسألة الثالثة: كثيرًا ما يعمد الفقهاء إلى أقوال "المدونة" أو غيرها، فيستنبطون من ألفاظها ما تحتمله، ويأخذون بمفهوماتها، بل كثيرًا ما يستدلون بمفهوم كلام ابن القاسم وغيره، فضلا عن مالك. مع العلم أن الأخذ بالمفهوم -في كلام الشارع- فيه ما هو معلوم من الخلاف، فكيف بكلام البشر وفيه ما فيه من القصور والغفلة والحشو؟
- المسألة الرابعة: اشتهر عن مالك ومذهبه، مراعاة الخلاف، وأن ذلك من الأصول التي قد تبنى عليها بعض الفتاوي المالكية.
ومراعاة الخلاف، هي أن يكون المذهب في المسألة: كذا وكذا.
فإذا وقعت على خلاف ما في المذهب، ولكن على وفق ما في مذهب آخر، أو قول آخر من أقوال أهل العلم، فإن الفتوى في المذهب -بعد الوقوع- تكون بتصحيح ما وقع وإمضائه1، عملا بالمذهب المخالف الذي يصحح ذلك أصلًا.