منها ما أعجبه. فقال: نسأل الله تعالى أن يزين حرمنا بملككم (?)، أو قال كلامًا هذا معناه، وذلك لأن سيرة بني العباس لم تكن مرضية عند مالك، ولقي منهم ما لقي مما هو مشهور، فلما بلغ قوله ملك الأندلس - مع ما علم من جلالة مالك ودينه - حَمَلَ الناس على مذهبه وترك مذهب الأوزاعي.

قلنا: وقد ذكر هذا السبب ابنُ نباتة أيضًا في " مسرح العيون " إلا أنه جعل ذلك في زمن عبد الرحمن الداخل، والذي أجمع عليه المؤرخون أن دخول المذهب كان في زمن ابنه هشام.

ثم زاد انتشار هذا المذهب بالأندلس وبالمغرب، بانتقال الفُتْيَا إليه في دولة الحكم بن هشام، وكان يحيى بن يحيى بن كثير مكينصا عنده، مقبول القول، فصار لا يُوَلِّي القضاء إلا من أشار به، فانتشر (?) به مذهب مالك، كما انتشر الحنفي بأبي يوسف في المشرق (?).

وَعَلَّلَ ابن خلدون غَلَبَةَ هذا المذهب على المغرب والأندلس تعليلاً فقال: «وأما مالك - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى - فاختص بمذهبه أهل المغرب والأندلس. وإن كان يوجد في غيرهم إلا أنهم لم يقلدوا غيره إلا في القليل، لأن رحلتهم كانت غالبًا إلى الحجاز وهو منتهى سفرهم، والمدينة يومئذ دار

طور بواسطة نورين ميديا © 2015