قلنا: وفي هذه القصة ما لا يخلو من نظر، فإن وهب بن وهب هذا لا نعلم أحدًا ذكره فيمن أخذ عن الإمام مالك، وإنما الآخذ عنه عبد الله بن وهب، وهو لم يرحل إلى المغرب، بل كان بمصر ومات بها.

وأما أسد بن عبد الله فصوابه على ما يظهر أبو عبد الله، ويكون المراد به أبا عدب الله بن أسد بن الفرات، فهو الذي لقي محمد بن الحسن وتفقه بأصحاب أبي حنيفة، ونشر مذهبه بإفريقية، وذلك بعد أن رحل إلى الإمام مالك وأخذ عنه، ولم يصادفه عليلاً، فأحاله على ابن وهب كما ذكروا، بل قال له لما استزاده بعد فراغه من السماع منه: «حَسْبُكَ مَا لِلْنَّاسِ يَا مَغْرِبِيُّ، إِنْ أَحْبَبْتَ الرَّأْيَ فَعَلَيْكَ بِالعِرَاقِ».

الحَنَفِيَّةُ فِي مِصْرَ:

وكان أهل مصر لا يعرفون هذا المذهب حتى ولو قضاءها إسماعيل بن اليسع الكوفي من قبل المهدي سنة 146 هـ وهو أول قاض حنفي بمصر، وأول من أدخل إليها مذهب أبا حنيفة، وكان من خير القضاة، إلا أنه كان يذهب إلى إبطال الأحباس، فثقل أمره على أهل مصر وقالوا: أحدث لنا أحكامًا لا نعرفها ببلدنا: فعزله المهدي (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015