ويبين أن شيوع المذهب كان بإلزام من أميرها الأموي، لأنه أثنى عليه ثناء طيبًا، وفضله على حكام الحرم المدني، وقال لمحدثه: «نَسْأَلُ اللهَ تَعَالَى أَنْ يُزَيِّنَ حَرَمَنَا بِمُلْكِكُمْ».
ويتقصى شيوع المذهب المالكي لا يغادر بلدًا كان فيه إلا ذكره.
وهكذا يسير على طريقته في بيان أماكن انتشار المذهبين الشافعي الحنبلي من غير تقصير في بيان المواضع، كما فعل في المذهبين الحنفي والمالكي، وقد ضربنا بهما الأمثال.
15 - (*) ويلاحظ في هذا الكتاب القيم ثلاثة أمور:
أولها - أنه لم يُعْنَ بدراسة حياة الإمام دراسة تحليلية متقصية، ولم يدرس أصول فقهه، ذاكرًا ما بنى عليه آراءه، لأن هذين الأمرين لم يكونا غايته، إذ أن فقهه عمل فقهي يترك للفقهاء يدرسونه ويبينون مبادئه، ونهايته، ويقابلون بينه وبين غيره، ولأن تاريخ الأئمة كان قائمًا في مناقبهم، وما كان من شأنه أن يكرر ما هو مجموع مبسوط في إطار واحد، إنما كانت عنايته متجهة إلى ما هو منثور غير مجموع، وفي وقت لا نكاد نجد فيه كتابًا جمع فيه بين ما هو منثور من أماكن المذاهب، وبين ما هو شائع في أرضه، وما هو قليل فيها، وقد سَدَّ الأستاذ أحمد تيمور تلك الثغرة، وملأ ذلك الفراغ، وهو في ذلك مَحْمُودُ الصَّنِيعِ.
الأمر الثاني - إنك لا تجد مذهبًا من المذاهب قد استولى استيلاء كاملاً على بلد من البلدان، بل كان يزاحمه غيره أحيانًا، ويجاوره في أماكن تمكنه أحيانًا أخرى، ولذلك تراه قد ذكر المذهب الواحد في عدة