السمة الأولى: الدقة، وكأن اللفظ فيها قد وضع على قدر المعنى، نسق عليها تنسيقًا حيك عليها، بحيث لا يمكن أن يتسع لسواها، ولو أردت أن تضع كلمة مكان أخرى لكان ذلك عسيرًا مع السهولة والوضوح. وقرب المعنى بلا تعقيد، ولا إعضال. بل إنك تجد الكلام سهلاً ميسرًا على طرف الثمام (?).

السمة الثانية: الإيجاز من غير إخلال، تقرأ الكلام، فتحس بأنه ما ترك مما تصدى له أقل جزء من المعنى، وذلك من غير إبهام. وإن هذا النوع من الإيجاز الوافي أصعب من الإطناب تكتب فيه المعاني عند ورودها مرسلة، وكلما جاءت على الخاطر سطرت على القرطاس، من غير ملاحظة لأن تكون الألفاظ أوسع من المعاني أو لابسة لباسها لا تسع غيرها، أما الإيجاز غير المخل، فإن المعنى يُجْمَعُ، وَيُبْحَثُ له عن أقل لفظ يلبسه من غير إسراف في الثياب، ولا تخلخل فيها، وتعجبني في هذا المقام كلمة للمغفور له سعد زغلول في خطاب أرسله إلى صديق له، وكان فيه إطناب: «أعذروني في هذا الإطناب فإنه ليس عندي وقت للإيجاز».

السمة الثالثة: جمال العبارات جمالاً هادئًا، ربما لا يكون له بريق، ولكنه جمال يلتقي فيه جمال اللفظ مع جلال الحقائق، فلا يدري القارئ أهو معجب بالمعنى وحده أم بها مع كسائها غير البراق، وإن كان متناسقًا منسجمًا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015