كنت أجلس مع بضعة من شيوخنا الأمجاد الذين يصادقونه ويذاكرونه، وقد تعودت أن أقبس من مجالسهم، وآنس بأخبارهم، وكان لهم في كل يوم ندوة من الأحاديث المطلقة التي يجمعها العلم ولا تضيق بموضوع معين، بل إنها سمر أدبي وديني يجمع بين فكاهات أدبية، وبيان حقائق إسلامية وردود على ما يجري على أقلام بعض الكتاب من انحراف في القول.
ولكن في مساء اليوم الذي شيعت فيه جنازة العالم أحمد تيمور صار هو موضوع تلك الندوة المباركة، ومن بينهم من كان يجاوره، ومنهم من كان يصطفيه ويستفتيه ومكثنا على ذلك أكثر من ثلاث ليال سويًا لا حديث لنا إلا عن تيمور، وكنا نعود إليه الفينة بعد الفينة، لأنه لاَ يُنْسَى.
وكانت تنشر له مقالات مسلسلة عن أعلام عصره في إحدى المجلات الأدبية، فكنت ألمح صدق القصص، ودقة الخبر، واتصال السند فِي لَفْظٍ بَيِّنٍ من السهل الممتنع، لا يعلو على العامة، ولا يَنْبُو عن آذان الخاصة، ويجد فيه القارئ نوافذ تطل على آفاق واسعة تكشف عن عصر أولئك الأعلام من غير تكلف في عبارات مقربة.
وكنت ترى في الكتابة تصويرًا دقيقًا وواضحًا لِلْعَلَمِ من الأعلام، من وراء تنقلاته الفكرية.
11 - ولقد أنصف بهذه الكتابة التي كانت تنشرها المجلات وتسجل في كتب رجال عصرنا.