مختص، وهي ككتابة المُقِر بخط يده أن لفلان عليه كذا، أو كتابة الوصية بخط الموصي من غير أن يُشهد على وصيته، وكذلك هبته لآخر من غير أن يقوم بتسجيل الهبة، ومن ذلك أيضا أن يجد الوارث في دفتر مورثه أن له عند فلان كذا، ومنه أيضا دفاتر التجار التي تبين تعاملهم ودائنيهم ومدينيهم.
والورقة العرفية حجة فيما تضمنته، ويجوز للقاضي أن يحكم بمقتضاها، فهي كالإقرار بالكتابة، والإقرار بالكتابة كالإقرار باللسان عند الفقهاء. فمتى ما أقر الشخص بتوقيعه أو بخطه، أو أقر الوارث بأن هذاَ خط مورثه أو توقيعه أو كان ذلك الخط أو التوقيع معروفا ومشهورا فعلى القاضي أن يعمل بمقتضى هذا السند.
يقول ابن القيم: "والحديث المتقدم- أي حديث الوصية- كالنص في جواز الاعتماد على خط الموصي، وكتبه صلى الله عليه وسلم إلى عماله وإلى الملوك وغيرهم تدل على ذلك ولأن الكتابة تدل على المقصود فهي كاللفظ ولهذا يقع بها الطلاق.
قال القاضي: "وثبوت الخط في الوصية يتوقف على معاينة البينة أو الحاكم لفعل الكتابة، لأنها عمل، والشهادة على العمل طريقها الرؤية".
وقول الإمام أحمد وإن كان قد عرف خطه وكان مشهور الخط، ينفذ ما فيها، يرد على ما قاله القاضي، فإن أحمد علق الحكم بالمعرفة والشهرة من غير اعتبار لمعاينة الفعل، وهذا هو الصحيح، فإن القصد حصوله العلم بنسبة الخط إلى كاتبه، فإذا عرف ذلك وتيقن كان كالعلم بنسبة اللفظ إليه، فإن الخط دال على اللفظ واللفظ دال على القصد والإرادة "1.
ويقول في موضع آخر"وقد صرح أصحاب أحمد والشافعي بأن الوارث إذا وجد في دفتر مورثه أن لي عند فلان كذا، جاز له أن يحلف على استحقاقه وأظنه منصوصا عليها، وكذلك لو وجد في دفتره: إني أديت إلى فلان ماله عليّ جاز له أن يحلف على ذلك إذا وثق بخط مورثه وأمانته"2.
غير أننا نلاحظ اختلاف معاملة الفقهاء للورقة العرفية عن معاملة المستند الرسمي، إذ أنهم لم يقبلوا إنكار من كان السند الرسمي حجة عليه أما الورقة العرفية فقد جعلوا كتابته