على ما دُوِّن فيه؟ وهل يحكم القاضي بما هو مسطور في السند متى ما رفع إليه سند يتضمن حقا من الحقوق وليس عليه أن يقبل أي طعن في صحته وصحة ما حمله السند؟.
لاشك أن الكتابة المشار إليها في الآية الكريمة أصبحت مستندا خطيا لأن المكتوب يحوي إقرارا بما تضمنه السند موقعا عليه من المدين المقر وبشهادة كاتب السند أو الشهود الذين وقعوا على صحة إقرار المدين بالسند وعليه فإن حجية السند هنا تأتي من توقيع المقر والإشهاد فقويت دلالته على الحق، ولاشك أن الفقهاء عاملوا الإقرار بالكتابة معاملة الإقرار باللسان سواء بسواء.
غير أننا نلاحظ خلافا بين الفقهاء في قبول الكتابة كدليل إثبات للحقوق، والذي يبدو لي من أغلب عباراتهم أنهم يقصدون المكتوب الذي لم يشهد عليه كإقراره بدين أو بحق لآخر بخط يده، أو كتابته لهبة لم يشهد عليها، وكذلك الأوراق التي لا تصدر من جهة رسمية، فإن بعض الفقهاء يرون أن مثل هذه المكاتيب لا يثبت القاضي بها ما تضمنته من حقوق لعدم تيقن صدورها من المنسوبة إليه ولإمكان تزوير الخطوط.
وقد أبرز ابن القيم رحمه الله هذا الخلاف في كتابه الطرق الحكمية في فصل (الطريق الثالث والعشرون- الحكم بالخط المجرد) ومن أقواله في ذلك:
"أن يرى القاضي حجة فيها حكمه لإنسان، فيطلب منه إمضاءه والعمل به فقد اختلف في ذلك، فعن أحمد ثلاث روايات، إحداهن: أنه إذا تيقن أنه خطه نفذه وإن لم يذكره، والثانية: أنه لا ينفذه حتى يذكره، والثالثة: أنه إذا كان في حرزه وحفظه نفذه وإلا فلا".
"والمشهور من مذهب الشافعي أنه لا يعتمد على الخط لا في الحكم ولا في الشهادة، وفى مذهبه وجه آخر أنه يجوز الاعتماد عليه إذا كان محفوظا عنده كالرواية الثالثة عن أحمد".
"وأما مذهب أبي حنيفة، فقال الخفاف، قال أبو حنيفة: إذا وجد القاضي في ديوانه شيئا لا يحفظه- كإقرار الرجل بحق من الحقوق- وهولا يذكر ذلك ولا يحفظه، فإنه لا يحكم بذلك ولا ينفذه حتى يذكره".
"وأما مذهب مالك فقال في الجواهر: لا يعتمد على الخط إذا لم يذكره لإمكان التزوير عليه".
"وقال إسحاق بن إبراهيم: قلت لأحمد: الرجل يموت وتوجد له وصية تحت رأسه من غير أن يكون أشهد عليها أو أعلم بها أحدا، هل يجوز إنفاذ ما فيها؟ قال: إن كان قد