القيام والقعود وحسن الأخلاق والصّفات الحميدة، والفرق بينه وبين التّعليم: أنّ الأدب يتعلّق بالمروءات والتّعليم بالشّرعيّات أي أنّ الأوّل عرفيّ، والثّاني شرعيّ، والأوّل دنيويّ، والثّاني دينيّ، وقال بعضهم:

الأدب مجالسة الخلق على بساط الصّدق ومطابقة الحقائق، وقيل الأدب عند أهل الشّرع: الورع. وعند أهل الحكمة: صيانة النّفس، وقال أهل التّحقيق:

الأدب الخروج من صدق الاختبار، والتّضرّع على بساط الافتقار (?) .

قال ابن القيّم- رحمه الله-: وحقيقة الأدب:

استعمال الخلق الجميل. ولهذا كان الأدب استخراجا لما في الطّبيعة من الكمال من القول إلى الفعل (?) .

وقيل هو الكلام الجميل الّذي يترك في نفس سامعه أو قارئه أثرا قويّا يحمله على استعادته والاستزادة منه والميل إلى محاكاته (?) ، وهو الأخذ بمكارم الأخلاق، وبعبارة أخرى: الوقوف مع المستحسنات. أي: استعمال ما يحمد قولا وفعلا. مثل:

تعظيم من فوقك والرّفق بمن دونك (?) .

وفي التّلويح: التّأديب قريب من النّدب، إلّا أنّ النّدب لثواب الآخرة والتّأديب لتهذيب الأخلاق وإصلاح العادات. والأدب أدبان: أدب شريعة وأدب سياسة. فأدب الشّريعة ما أدّى الفرض، وأدب السّياسة ما عمر الأرض. وكلاهما يرجع إلى العدل الّذي به سلامة السّلطان وعمارة البلدان (?) .

قال الله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ ناراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ. قال ابن عبّاس وغيره: أدّبوهم وعلّموهم. وهذه اللّفظة مؤذنة بالاجتماع. فالأدب: اجتماع خصال الخير في العبد، ومنه المأدبة، وهي الطّعام الّذي يجتمع عليه النّاس.

وقال ابن القيّم- رحمه الله-: علم الأدب هو علم إصلاح اللّسان والخطاب وإصابة مواقعه، وتحسين ألفاظه عن الخطإ والخلل وهو شعبة من الأدب العامّ (?) .

وعلى هذا فالأدب: استعمال ما يحمد قولا وفعلا، وبتعبير آخر: الأخذ بمكارم الأخلاق، أو الوقوف مع المستحسنات.

فإذا تعلّق الأمر باللّغة كان الأدب معناه معرفة ما يحترز به من جميع أنواع الخطإ كما قال الجرجانيّ (?) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015