رءوس النّاس وخيارهم فاستشارهم فإذا اجتمع رأيهم على أمر قضى به» ) * (?) .
33- قال الشّعبيّ- رحمه الله تعالى-:
«شهدت شريحا- وجاءه رجل من مراد- فقال:
يا أبا أميّة، ما دية الأصابع؟ قال: عشر عشر. قال: يا سبحان الله أسواء هاتان؟ جمع بين الخنصر والإبهام.
فقال شريح: يا سبحان الله! أسواء أذنك ويدك؟ فإنّ الأذن يواريها الشّعر والكمّة (?) ، فيها نصف الدّية، وفي اليد نصف الدّية. ويحك! إنّ السّنّة سبقت قياسكم، فاتّبع ولا تبتدع، فإنّك لن تضلّ ما أخذت بالأثر. ثمّ قال لي الشّعبيّ: يا هذليّ، لو أنّ أحنفكم قتل، وهذا الصّبيّ في مهده أكان ديتهما سواء؟. قلت: نعم. قال:
فأين القياس» ) * (?) .
34-* (قال عمر بن عبد العزيز- رحمه الله تعالى-: «سنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وولاة الأمور بعده سننا، الأخذ بها تصديق لكتاب الله، واستكمال لطاعة الله، وقوّة على دين الله، ليس لأحد تبديلها ولا تغييرها، ولا النّظر فيما خالفها. من اقتدى بها فهو مهتد، ومن استنصر فهو منصور، ومن خالفها واتّبع غير سبيل المؤمنين ولّاه الله ما تولّى وأصلاه جهنّم وساءت مصيرا» ) * (?) .
35-* (عن أبي الصّلت، قال: كتب رجل إلى عمر بن عبد العزيز يسأله عن القدر، فكتب: «أمّا بعد؛ أوصيك بتقوى الله، والاقتصاد في أمره، واتّباع سنّة نبيّه صلّى الله عليه وسلّم، وترك ما أحدث المحدثون بعد ما جرت به سنّته، وكفوا مئونته، فعليك بلزوم السّنّة فإنّها لك بإذن الله عصمة، ثمّ اعلم أنّه لم يبتدع النّاس بدعة، إلّا قد مضى قبلها ما هو دليل عليها، أو عبرة فيها؛ فإنّ السّنّة إنّما سنّها من قد علم ما في خلافها من الخطأ، والزّلل، والحمق، والتّعمّق، فارض لنفسك ما رضي به القوم لأنفسهم؛ فإنّهم على علم وقفوا، وببصر نافذ كفّوا، وهم على كشف الأمور كانوا أقوى، وبفضل ما كانوا فيه أولى، فإن كان الهدى ما أنتم عليه لقد سبقتموهم إليه. ولئن قلتم:
إنّما حدث بعدهم. ما أحدثه إلّا من اتّبع غير سبيلهم، ورغب بنفسه عنهم؛ فإنّهم هم السّابقون، فقد تكلّموا فيه بما يكفي، ووصفوا منه ما يشفي، فما دونهم من مقصر، وما فوقهم من محسر، وقد قصّر قوم دونهم فجفوا، وطمح عنهم أقوام فغلوا، وإنّهم بين ذلك لعلى هدى مستقيم.
كتبت تسأل عن الإقرار بالقدر فعلى الخبير بإذن الله وقعت، فاعلم ما أحدث النّاس من محدثة، ولا ابتدعوا من بدعة، هي أبين أثرا، ولا أثبت أمرا، من الإقرار بالقدر، لقد كان ذكره في الجاهليّة الجهلاء، يتكلّمون به في كلامهم، وفي شعرهم، يعزّون به أنفسهم على ما فاتهم، ثمّ لم يزده الإسلام بعد إلّا شدّة، ولقد ذكره رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في غير حديث ولا حديثين، وقد سمعه منه المسلمون، فتكلّموا به في