ومن بركات أهل هذا البيت، أنّه سبحانه أظهر على أيديهم من بركات الدّنيا والآخرة ما لم يظهره على يدي أهل بيت غيرهم.
ومن بركاتهم وخصائصهم أنّ الله سبحانه أعطاهم من خصائصهم ما لم يعط غيرهم، فمنهم من اتّخذه خليلا، ومنهم الذّبيح، ومنهم من كلّمه تكليما، وقرّبه نجيّا، ومنهم من آتاه شطر الحسن، وجعله من أكرم النّاس عليه، ومنهم من آتاه ملكا لم يؤته أحدا غيره، ومنهم من رفعه مكانا عليّا.
ولمّا ذكر سبحانه وتعالى هذا البيت وذرّيّته، أخبر أنّ كلّهم فضّله على العالمين.
ومن خصائصهم وبركاتهم على أهل الأرض أنّ الله سبحانه رفع العذاب العامّ عن أهل الأرض بهم وببعثهم، وكانت عادته سبحانه في أمم الأنبياء قبلهم أنّهم إذا كذّبوا أنبياءهم ورسلهم، أهلكهم بعذاب يعمّهم، كما فعل بقوم نوح، وقوم هود، وقوم صالح، وقوم لوط، فلمّا أنزل الله سبحانه وتعالى التّوراة والإنجيل والقرآن، رفع بها العذاب العامّ عن أهل الأرض، وأمر بجهاد من كذّبهم وخالفهم، فكان ذلك نصرة لهم بأيديهم، وشفاء لصدورهم واتّخاذ الشّهداء منهم، وإهلاك عدوّهم بأيديهم، لتحصيل محابّه سبحانه على أيديهم، وحقّ لأهل بيت هذا بعض فضائلهم أن لا تزال الألسن رطبة بالصّلاة عليهم والسّلام والثّناء والتعظيم، والقلوب ممتلئة من تعظيمهم ومحبّتهم وإجلالهم، وأن يعرف المصلّي عليهم أنّه لو أنفق أنفاسه كلّها في الصّلاة عليهم ما وفّى القليل من حقّهم، فجزاهم الله عن بريّته أفضل الجزاء، وزادهم في الملأ الأعلى تعظيما وتشريفا وتكريما، وصلّى عليهم صلاة دائمة لا انقطاع لها، وسلّم تسليما.