واختلف في آل النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم على أربعة أقوال.
فقيل: هم الّذين حرّمت عليهم الصّدقة، وفيه ثلاثة أقوال للعلماء:
أحدها: أنّهم بنو هاشم، وبنو المطّلب، وهذا مذهب الشّافعيّ، وأحمد في رواية عنه.
والثّاني: أنّهم بنو هاشم خاصّة، وهذا مذهب أبي حنيفة والرّواية الثّانية عن أحمد، واختيار ابن القاسم صاحب مالك.
والثّالث: أنّهم بنو هاشم ومن فوقهم إلى غالب، فيدخل فيهم بنو المطّلب، وبنو أميّة، وبنو نوفل، ومن فوقهم إلى بني غالب، وهذا اختيار أشهب من أصحاب مالك، حكاه صاحب «الجواهر» عنه، وحكاه اللّخميّ في «التّبصرة» عن أصبغ، ولم يحكه عن أشهب.
وهذا القول الأوّل في الآل أعني أنّهم الّذين تحرم عليهم الصّدقة هو منصوص الشّافعيّ، وأحمد والأكثرين، وهو اختيار جمهور أصحاب أحمد والشّافعيّ.
والقول الثّاني: أنّ آل النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم هم ذرّيّته وأزواجه خاصّة، حكاه ابن عبد البرّ في «التّمهيد» قال في باب عبد الله ابن أبي بكر، في شرح حديث أبي حميد السّاعديّ: استدلّ قوم بهذا الحديث على أنّ «آل محمّد» هم أزواجه وذرّيّته خاصّة، لقوله في حديث مالك عن نعيم المجمّر وفي غير ما حديث: «اللهمّ صلّ على محمّد وعلى آل محمّد» وفي هذا الحديث يعني حديث أبي حميد: «اللهمّ صلّ على محمّد وعلى أزواجه وذرّيّته» قالوا: فهذا تفسير ذلك الحديث، ويبيّن أنّ آل محمّد هم أزواجه وذرّيّته، قالوا: فجائز أن يقول الرّجل لكلّ من كان من أزواج محمّد صلّى الله عليه وسلّم ومن ذرّيّته: صلّى الله عليك، إذا واجهه، وصلّى الله عليه إذا غاب عنه، ولا يجوز ذلك في غيرهم.
قالوا: والآل والأهل سواء، وآل الرّجل وأهله سواء، وهم الأزواج والذّرّيّة بدليل هذا الحديث.
والقول الثّالث: أنّ آله صلّى الله عليه وسلّم أتباعه إلى يوم القيامة، حكاه ابن عبد البرّ عن بعض أهل العلم. وأقدم من روي عنه هذا القول جابر بن عبد الله- رضي الله عنهما- ذكره البيهقيّ عنه، ورواه عنه سفيان الثّوريّ وغيره، واختاره بعض أصحاب الشّافعيّ، حكاه عنه أبو الطّيّب الطّبريّ في تعليقه، ورجّحه الشّيخ محيي الدّين النّواويّ في «شرح مسلم» واختاره الأزهريّ.
والقول الرّابع: أنّ آله صلّى الله عليه وسلّم هم الأتقياء من أمّته، حكاه القاضي حسين والرّاغب وجماعة (?) .