قال إسماعيل: حدّثنا محمّد بن أبي بكر، حدّثنا محمّد بن سواء، عن جويبر، عن الضّحّاك (هو الّذي يصلّي عليكم) قال: صلاة الله: مغفرته، وصلاة الملائكة الدّعاء (?) .

وقد ذكر البخاريّ في صحيحه عن أبي العالية قال: صلاة الله على رسوله: ثناؤه عليه عند الملائكة (?) .

وقال إسماعيل في كتابه، حدّثنا نصر بن عليّ، حدّثنا خالد بن يزيد، عن أبي جعفر، عن الرّبيع بن أنس عن أبي العالية إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ (?) قال: صلاة الله عزّ وجلّ: ثناؤه عليه، وصلاة الملائكة عليه: الدّعاء.

فإذا كان معنى الصّلاة: هو الثّناء على الرّسول، والعناية به، وإظهار شرفه وفضله وحرمته، كما هو المعروف من هذه اللّفظة، لم يكن لفظ «الصّلاة» في الآية مشتركا محمولا على معنييه، بل يكون مستعملا في معنى واحد، وهذا هو الأصل.

وقيل الصّلاة المأمور بها في قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ (?) هي الطّلب من الله ما أخبر به عن صلاته وصلاة ملائكته، وهي ثناء عليه، وإظهار لفضله وشرفه وإرادته تكريمه وتقريبه، فهي تتضمّن الخبر والطّلب، وسمّي هذا السّؤال والدّعاء منّا نحن صلاة عليه لوجهين:

أحدهما: أنّه يتضمّن ثناء المصلّى عليه، والإشادة بذكر شرفه وفضله والإرادة والمحبّة لذلك من الله تعالى، فقد تضمّنت الخبر والطّلب.

والوجه الثّاني: أنّ ذلك سمّي منّا صلاة، لسؤالنا من الله أن يصلّي عليه. فصلاة الله عليه: ثناؤه وإرادته لرفع ذكره وتقريبه، وصلاتنا نحن عليه سؤالنا الله تعالى أن يفعل ذلك به.

وأمّا ما ذكر عن ابن عبّاس- رضي الله عنهما- في قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ قال:

يباركون عليه، فهذا لا ينافي تفسيرها بالثّناء، وإرادة التّكريم والتّعظيم، فإنّ التّبريك من الله يتضمّن ذلك، ولهذا قرن بين الصّلاة عليه والتّبريك عليه، وقالت الملائكة لإبراهيم: رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ (?) ، وقال المسيح: وَجَعَلَنِي مُبارَكاً أَيْنَ ما كُنْتُ (?) ، قال غير واحد من السّلف: معلّما للخير أينما كنت، وهذا جزء المسمّى، فالمبارك كثير الخير في نفسه الّذي يحصّله لغيره تعليما، وإقدارا ونصحا، وإرادة واجتهادا، ولهذا يكون العبد مباركا، لأنّ الله بارك فيه، وجعله كذلك، والله تعالى متبارك، لأنّ البركة كلّها منه، فعبده مبارك وهو المتبارك تَبارَكَ الَّذِي* (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015