وفي الختام وبعد أن استوى هذا العمل على سوقه، لعلك سوف تجد نفسك قارئنا الكريم أمام صورة مشرقة تعكس أصالة ذلك التراث العظيم وتوضح في جلاء أن الشريعة الإسلامية حفلت بقيم خلقية عالية كان لها شأن بعيد وأثر حميد في تربية النفوس وإصلاحها وتقويم الأخلاق وتهذيبها.
لذا كان لزاما على حملة شريعة الإسلام أن يدرسوا الحياة العالمية وأن يعدوا أنفسهم لهذه الدراسة الواسعة العميقة ليتعرفوا على مشكلاتها وأسبابها، وما جد فيها، وعليهم أن يقوموا بالتوجيه الصالح الرشيد بعرض مبادىء الإسلام عرضا جذابا، وحمل رسالة الحق والخير وتأديتها إلى الناس كافة أداءا رغيبا صالحا، يدفع دعوة الإسلام إلى الآفاق الرحبة ويبين سماحتها وسمو مقاصدها، وهذا واجب كل مؤمن بعامة، وواجب العلماء بخاصة، فإذا نهض للقيام بهذا الواجب طائفة فقهت الإسلام وشرائعه. ودارسو الإسلام مطالبون أشد المطالبة بالقيام بعمل جاد قوي حتى تتاح الفرصة من جديد أمام العقل الإسلامي الحائر لفهم الإسلام فهما صحيحا، يعم مشارق الأرض ومغاربها بروح سمح «حنيفي» يقدر الواقع، ويقف معه وجها لوجه يعالجه ولا يتهرب منه.
وكان من أعظم واجبات المسلمين في هذا العصر أن تتضافر جهودهم على إعانة القائمين به حتى تتاح الفرصة لبلوغ أفكارهم غاياتها من قلوب الناس وعقولهم، تحقيقا لإبلاغ الدعوة وأداء لحق الوراثة في هذا التبليغ.
ومرة أخرى فإن معدّي الموسوعة وهم يقدمون هذا العمل الحافل بالنقول لإخوانهم القراء ليدركون الصعوبات التي تكتنف مثل هذه الأعمال العلمية الكبيرة ويؤمنون كل الإيمان بأن العصمة لله وحده ويرجون ويؤملون أن يغتفر لهم القراء ما قد يقعون فيه من قصور أو هفوات غير مقصودة ويرحبون كل الترحيب بإبداء الملاحظات والتصويبات، ومهما يكن من شيء فهم يؤملون أنك ستجد هذه الموسوعة الأخلاقية مرتبطة الحلقات متماسكة الأطراف، ولعلها تغنيك في مراجعة هذا التراث العظيم، كما يؤملون أن تكون هذه الموسوعة من العوامل الفعّالة في تذكير المسلمين بما كان لهم من عظمة ومجد فتبعثهم على التمسك بهذا الدين العظيم «دين الإسلام» نصّا وروحا وحتى تتوحد كلمة المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ.
سدد الله الخطا وبارك في الجهود وهدى إلى الصواب من القول والعلم والعمل وكفى بربك هاديا ونصيرا.
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وكتبه صالح بن عبد الله بن حميد