مصدر قولهم: يئس ييأس، وهو مأخوذ من مادّة (ي أس) الّتي تدلّ على قطع الأمل، يقال منه:
يئس ييأس (مثل علم يعلم) ، وييئس (مثل حسب يحسب) ، وحكي أيضا يأيس بقلب الياء الثّانية ألفا وكلّه بمعنى انقطع أمله، وليس في كلام العرب ياء في صدر الكلام بعدها همزة إلّا هذه، وتأتي يئس بمعنى علم، قيل: ورد ذلك في لغة بعض العرب، وعلى ذلك قول الله تعالى: أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا (الرعد/ 31) . قال الفيروز ابادي والفرّاء في هذه الآية: أفلم يعلم قال: وهو في المعنى على تفسيرهم لأنّ الله تعالى قد أوقع إلى المؤمنين أن لو شاء لهدى النّاس جميعا، فقال: أفلم ييأسوا علما، يقول يؤيسهم العلم فيه مضمرا، كما تقول في الكلام: قد يئست منك ألّا تفلح، كأنّك قلت: قد علمته علما، وقيل معناه: أفلم ييأس الّذين آمنوا من إيمان من وصفهم الله تعالى بأنّهم لا يؤمنون (?) ، وقال القرطبيّ: والمعنى على ذلك:
أفلم يعلم الّذين آمنوا أن لو يشاء الله لهدى النّاس جميعا من غير أن يشاهدوا الآيات، وقيل هو من اليأس المعروف (أي انقطاع الرّجاء) ويكون المعنى أفلم ينقطع رجاء المؤمنين من إيمان هؤلاء الكفّار لعلمهم أنّ الله تعالى لو أراد هدايتهم لهداهم (?) . أمّا قوله سبحانه: كَما يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحابِ الْقُبُورِ (الممتحنة/ 13) فالمعنى: انقطع رجاء الكفّار في قبورهم من رحمة الله تعالى لأنّهم آمنوا بالغيب بعد الموت فلم ينفعهم إيمانهم حينئذ، وقيل: كما يئسوا أن يحيوا ويبعثوا.
وفي حديث أمّ معبد في صفته صلّى الله عليه وسلّم: «ربعة لا يأس من طول» قال ابن الأثير: معناه أنّه لا يؤيس من طوله، لأنّه صلّى الله عليه وسلّم كان إلى الطّول أقرب منه إلى القصر. وقولهم: أيأسته وآيسته من كذا: قنّطته. وقال ابن منظور: اليأس: قطع الأمل، والقنوط. وهو نقيض الرّجاء، يقال: يئس من الشّيء ييأس. والمصدر اليأس، واليأسة واليأس. وآيسه فلان من كذا فاستيأس منه بمعنى أيس.
قال طرفة بن العبد:
وأيأسني من كلّ خير طلبته ... كأنّا وضعناه إلى رمس ملحد (?)