كشفه، سواء كرهه المنقول عنه أو المنقول إليه أو الثّالث (أي النّمّام) ، وسواء أكان الكشف بالعبارة أو بالإشارة أو بغيرهما (?) .
الغيبة- كما سبق- هي التّكلّم خلف إنسان مستور بما هو فيه ممّا يكرهه. أمّا النّميمة فهي نقل كلام صادر عن الغير بغية الإفساد. وعلى ذلك تكون الغيبة صادرة عن المغتاب في الأصل، أمّا النّميمة فهي كلام صادر عن الغير، ومن الفرق أيضا أنّ الغيبة قد تباح أو تجب في بعض الأحيان لغرض شرعيّ (انظر صفة الغيبة) أمّا النّميمة فلم ينقل جواز إباحتها أحد، ومن الغيبة ما يكون بالقلب بأن تظنّ السّوء بأخيك وتصمّم عليه بقلبك (?) أمّا النّميمة فلا تكون إلّا باللّسان أو ما يحلّ محلّه في الكشف عن السّوءات من كتابة أو رمز أو إيماء.
يبعث على النّميمة أمور منها:
1- إرادة السّوء بالمحكيّ عنه.
2- الحبّ للمحكيّ له (وهذا في ظاهر الأمر وإلّا فإنّ من يجبّ إنسانا على الحقيقة فإنّه لا يبلّغه ما يسوءه) .
3- الفرح بالخوض في الفضول (?) .
تعالج النّميمة بما تعالج به الغيبة، وهو إمّا إجمالي بأن يعلم النّمّام أنّه قد تعرّض بها لسخط الله تعالى وعقوبته وأنّها تحبط حسناته وبأن يتدبّر المرء في عيوبه ويجتهد في التّطهّر منها وأن يعلم أنّ تأذّي غيره بالغيبة أو بالنّميمة كتأذّيه بها فكيف يرضى لغيره ما يتأذّى به؟ وأمّا التّفصيليّ فيتلخّص في النّظر في بواعثها فتقطعها من الأصل؛ إذ علاج العلّة إنّما يكون بقطع سببها، وألّا يعتقد المرء في أخيه سوءا، وأن يبادر إلى التّوبة بشروطها (?) .
قال الإمام الذّهبيّ: كلّ من حملت إليه نميمة وقيل له: قال فيك فلان، كذا وكذا لزمه ستّة أحوال:
الأوّل: ألّا يصدّقه؛ لأنّه نمّام فاسق، وهو مردود الخبر.
الثّاني: أن ينهاه عن ذلك وينصحه ويقبّح فعله.
الثّالث: أن يبغضه في الله- عزّ وجلّ-، فإنّه بغيض عند الله، والبغض في الله واجب.
الرّابع: ألّا يظنّ في المنقول عنه السّوء لقوله تعالى: اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ (الحجرات/ 12) .