الجميل لغة:

الجميل في اللّغة وصف مشتقّ من مادّة (ج م ل) الّتي تدلّ على الحسن، ومنه الجمال الّذي هو ضدّ القبح، وقيل: الجمال والحسن، وقيل: الحسن الكثير، ورجل جميل وجمال، أصله- فيما يقول ابن قتيبة- من الجميل وهو ودك الشّحم المذاب، يريد أنّ ماء السّمن يجري في وجهه، ويقال: جمالك أن تفعل ذلك، أي اجمل ولا تفعله، وقالت امرأة لابنتها: «تجمّلي وتعفّفي» أي كلي الجميل (أي الشّحم المذاب) ، «واشربي العفافة» وهي بقيّة اللّبن. ويقال: جمل الرّجل جمالا فهو جميل، والمرأة جميلة وجملاء، وقول أبي ذؤيب:

جمالك أيّها القلب الجريح ... ستلقى من تحبّ فتستريح

معناه: الزم تجمّلك وحياءك، ولا تجزع جزعا قبيحا، وأجملت الصّنيعة عند فلان، وأجمل فلان في صنيعه (أحسن) ، والمجاملة: المعاملة بالجميل، وجمّله: زيّنه، والتّجمّل: تكلّف الجميل، والتّجمّل أيضا: أكل السّمن المذاب (?) ، والجميل كما يكون صفة للأناسيّ يكون وصفا للأفعال والأشياء.

نكران الجميل اصطلاحا:

ألّا يعترف الإنسان بلسانه بما يقرّ به قلبه من المعروف والصّنائع الجميلة الّتي أسديت إليه سواء من الله- عزّ وجلّ- أو من المخلوقين.

وهذا المعنى قريب من كفران نعمة المحسن، ومن معنى الجحود والإنكار (?) .

أسباب كفران النعم وجحودها:

قال الغزاليّ- رحمه الله تعالى-: لم يقصّر بالخلق عن شكر النّعمة إلّا الجهل والغفلة، فإنّهم منعوا بالجهل والغفلة عن معرفة النّعم، ولا يتصوّر شكر النّعمة إلّا بعد معرفة كونها نعمة، ثمّ إنّهم إن عرفوا نعمة ظنّوا أنّ الشّكر عليها أن يقول باللّسان:

الحمد لله، الشّكر لله. ولم يعرفوا أنّ معنى الشّكر أن يستعمل النّعمة في إتمام الحكمة الّتي أريدت بها وهي طاعة الله- عزّ وجلّ- فلا يمنع من الشّكر بعد حصول المعرفتين إلّا غلبة الشّهوة واستيلاء الشّيطان.

أمّا الغفلة عن النّعم فلها أسباب، وأحد أسبابها أنّ النّاس بجهلهم لا يعدّون ما يعمّ الخلق ويسلّم لهم في جميع أحوالهم نعمة، فلذلك لا يشكرون على ما عمّ الله به الخلق من شتّى النّعم في الكون والنّفس كالشّمس والقمر واللّيل والنّهار والحرارة والبرودة واستساغة الطّعام ذلك ممّا لا يحصى كثرة، لأنّها عامّة للخلق، مبذولة لهم في جميع أحوالهم، فلا يرى كلّ واحد لنفسه منهم اختصاصا به فلا يعدّه نعمة، فلا تراهم يشكرون الله على روح الهواء ولو أخذ بمختنقهم لحظة حتّى انقطع الهواء عنهم ماتوا، ولو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015