وهذا ممّا يشترك فيه هو والأنبياء عليهم السّلام. بخلاف سائر أمّته فإنّه يجوز ذلك كلّه على كلّ منهم منفردا. أمّا إذا اجتمعوا كلّهم على قول واحد فلا يرد عليهم الخطأ لقوله صلّى الله عليه وسلّم: «إنّ الله تعالى قد أجار أمّتي أن تجتمع على ضلالة (?) .
تضافرت الأدلّة من الكتاب والسّنة وإجماع الأمّة موضّحة ومجلّية ما يجب لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم من الحقوق وما يتعيّن له من برّ وتوقير وإكرام وتعظيم ومن أجل هذا حرّم الله تبارك وتعالى أذاه في كتابه وأجمعت الأمّة على قتل منتقصه وسابّه. قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً مُهِيناً (?) .
وقال تعالى: وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (?) .
فكلّ من استهان برسول الله صلّى الله عليه وسلّم أو سبّه أو عابه أو ألحق به نقصا في نفسه أو نسبه أو دينه أو خصلة من خصاله أو عرّض به أو شبّهه بشيء على طريق السّبّ له أو الإزراء عليه أو التّصغير لشأنه أو الغضّ منه والعيب له فإنّه يقتل كفرا.
والأدلّة على ذلك كثيرة منها:
- ما روى أبو داود والنّسائيّ: عن ابن عبّاس- رضي الله عنهما-؛ أنّ أعمى كانت له أمّ ولد، تشتم النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وتقع فيه، فينهاها فلا تنتهي، ويزجرها فلا تنزجر. قال: فلمّا كانت ذات ليلة جعلت تقع في النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وتشتمه، فأخذ المغول (?) فوضعه في بطنها، واتّكأ عليها فقتلها، فوقع بين رجليها طفل، فلطّخت ما هناك بالدّم، فلمّا أصبح ذكر ذلك لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم فجمع النّاس فقال: «أنشد الله رجلا فعل ما فعل، لي عليه حقّ، إلّا قام فقام الأعمى يتخطّى النّاس، وهو يتزلزل حتّى قعد بين يدي النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فقال يا رسول الله أنا صاحبها، كانت تشتمك وتقع فيك فأنهاها فلا تنتهي، وأزجرها فلا تنزجر، ولي منها ابنان مثل اللّؤلؤتين، وكانت بي رفيقة، فلمّا كانت البارحة جعلت تشتمك وتقع فيك، فأخذت المغول فوضعته في بطنها واتّكأت عليها حتّى قتلتها، فقال النّبيّ