- وعن أبي هريرة- رضي الله عنه؛ قال: قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «ما من الأنبياء نبيّ إلّا أعطي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر، وإنّما كان الّذي أوتيته وحيا أوحاه الله إليّ، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة» (?) .
ووجه الدّلالة في الحديث يبيّنه الحافظ ابن حجر بقوله: رتّب صلّى الله عليه وسلّم هذا الكلام (فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة) على ما تقدّم من معجزة القرآن المستمرّة لكثرة فائدته وعموم نفعه، لاشتماله على الدّعوة والحجّة والإخبار بما سيكون، فعمّ نفعه من حضر ومن غاب ومن وجد ومن سيوجد، فحسن ترتيب الرّجوى المذكورة على ذلك وهذه الرّجوى قد تحقّقت، فإنّه أكثر الأنبياء تبعا» (?) .
- وعن الحسن البصريّ رحمه الله في قوله تعالى: لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ قال «حفظه الله تعالى من الشّيطان فلا يزيد فيه باطلا ولا ينقص منه حقّا» (?) .
- وعن يحيى بن أكثم قال: دخل يهوديّ على المأمون فتكلّم فأحسن الكلام، فدعاه المأمون إلى الإسلام، فأبى، فلمّا كان بعد سنة جاءنا مسلما، فتكلّم على الفقه فأحسن الكلام، فقال له المأمون: ما كان سبب إسلامك؟
قال: انصرفت من حضرتك فأحببت أن أمتحن هذه الأديان فعمدت إلى التّوراة. فكتبت ثلاث نسخ فزدت فيها ونقصت وأدخلتها الكنيسة، فاشتريت منّي، وعمدت إلى الإنجيل فكتبت ثلاث نسخ فزدت فيها ونقصت، وأدخلتها البيعة فاشتريت منّي. وعمدت إلى القرآن فعملت ثلاث نسخ فزدت فيها ونقصت وأدخلتها الورّاقين فتصفّحوها، فلمّا أن وجدوا فيها الزّيادة والنّقصان رموا بها فلم يشتروها، فعلمت أنّ هذا الكتاب محفوظ، فكان هذا سبب إسلامي.
قال يحيى بن أكثم: فحججت تلك السّنة فلقيت سفيان بن عيينة، فذكرت له الحديث، فقال لي: مصداق هذا في كتاب الله تعالى. قلت: في أيّ موضع؟ قال: في قوله تعالى في التّوراة والإنجيل بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتابِ اللَّهِ (?) فجعل حفظه إليهم فضاع وقال إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ (?) فحفظه الله تعالى علينا فلم يضع (?) .
وممّا اختصّ به رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن غيره من الأنبياء عليهم الصّلاة والسّلام معجزة الإسراء (?) والمعراج.