جرت به سنّته، وكفوا مؤنته، فعليك بلزوم السّنّة فإنّها لك بإذن الله عصمة، ثمّ اعلم أنّه لم يبتدع النّاس بدعة، إلّا قد مضى قبلها ما هو دليل عليها، أو عبرة فيها؛ فإنّ السّنّة إنّما سنّها من قد علم ما في خلافها من الخطأ، والزّلل، والحمق، والعمق، فارض لنفسك ما رضي به القوم لأنفسهم، فإنّهم على علم وقفوا، وببصر نافذ كفوا، ولهم على كشف الأمور كانوا أقوى، وبفضل ما كانوا فيه أولى، فإن كان الهدى ما أنتم عليه لقد سبقتموهم إليه. ولئن قلتم: إنّما حدث بعدهم، ما أحدثه إلّا من اتّبع غير سبيلهم، ورغب بنفسه عنهم؛ فإنّهم هم السّابقون، فقد تكلّموا فيه بما يكفي، ووصفوا منه ما يشفي، فما دونهم من مقصر، وما فوقهم من محسر، وقد قصّر قوم دونهم فجفوا، وطمح عنهم أقوام فغلوا، وإنّهم بين ذلك لعلى هدى مستقيم. كتبت تسأل عن الإقرار بالقدر فعلى الخبير بإذن الله وقعت، ما أعلم ما أحدث النّاس من محدثة، ولا ابتدعوا من بدعة، هي أبين أثرا، ولا أثبت أمرا، من الإقرار بالقدر» ) * (?) .
34-* (قال الأوزاعيّ- رحمه الله تعالى-:
«كتب عمر بن عبد العزيز إلى عمر بن الوليد كتابا فيه: وقسم أبيك لك الخمس كلّه، وإنّما سهم أبيك كسهم رجل من المسلمين وفيه حقّ الله وحقّ الرّسول وذي القربى واليتامى والمساكين وابن السّبيل فما أكثر خصماء أبيك يوم القيامة، فكيف ينجو من كثرت خصماؤه؟ وإظهارك المعارف والمزمار بدعة في الإسلام، ولقد هممت أن أبعث إليك من يجزّ جمّتك جمّة السّوء» ) * (?) .
35-* (قال الشّعبيّ- رحمه الله تعالى-:
«شهدت شريحا وجاءه رجل من مراد فقال: يا أبا أميّة، ما دية الأصابع؟ قال: عشر عشر. قال: يا سبحان الله أسواء هاتان وجمع بين الخنصر والإبهام فقال شريح: يا سبحان الله أسواء أذنك ويدك؟ فإنّ الأذن يواريها الشّعر والعمامة، فيها نصف الدّية، وفي اليد نصف الدّية، ويحك إنّ السّنّة سبقت قياسكم، فاتّبع ولا تبتدع، فإنّك لن تضلّ ما أخذت بالأثر. ثمّ قال له الشّعبيّ: يا هذا لو أنّ أحنفكم قتل وهذا الصّبيّ في مهده أكان ديّتهما سواء؟ قلت: نعم. قال: فأين القياس؟» ) * (?) .
36-* (قال ابن سيرين: «ما أخذ رجل ببدعة فراجع سنّة» ) * (?) .
37-* (قال محمّد بن سيرين- رحمه الله تعالى-: «لم يكونوا يسألون عن الإسناد، فلمّا وقعت الفتنة قالوا: سمّوا لنا رجالكم. فينظر إلى أهل السنّة فيؤخذ حديثهم، وينظر إلى أهل البدع فلا يؤخذ حديثهم» ) * (?) .
38-* (قال مجاهد في قوله تعالى-: وَلا