فالدعوة إلى الله رحمة للخلق في أهدافها وغاياتها. وهي تحتاج إلى الرحمة في ترغيب الناس فيها، وتقريبهم منها، ولذلك كانت الرحمة التي أودعها الله في قلب نبيه ورسوله للناس جميعا، أعظم عون للرسول في جمع الناس على الهدى، والاعتصام بحبل الله المتين.

ففي القرآن الكريم: فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ (?) .

وعلى هذا الهدي الإلهي، في الكتاب والسنة، سار أئمة الدعاة في كل عصر من عصور الإسلام.

وكان انتشار الإسلام في أقطار الأرض كلّها نتيجة جهدهم وثمرة اتباعهم للهدي الإلهي في تبليغ الدعوة، ومخاطبة العقول، وتزكية النفوس.

وكان من أئمة الدعاة إلى الله في مختلف الأزمنة والأمكنة، القراء والفقهاء والعلماء، والصالحون من الناس.

وكان لكل منهم أثر كبير في هداية الخلق، ببيان كلمة الله، وإظهار حكمه وشرعه، وبضرب الأمثلة في حسن الأدب مع الله، والاتباع لما دعا إليه الدين من مكارم الأخلاق في التعامل مع الناس.

وهذا الجانب الأخير كان له أعظم الأثر في انتشار الإسلام بين الأمم، فإن المسلم حين يظهر بين الناس بأخلاق الإسلام وهديه، يكون قوله وفعله الذي يتأسى فيه بالرسول صلّى الله عليه وسلّم، من أعظم الوسائل في الدعوة إلى الله، ومن ثم يكون الاقتناع والاتباع.

إن إكمال مكارم الأخلاق يعد من أعظم المهمات، وأهم الغايات في رسالة الإسلام.

يقول عليه الصلاة والسلام: «إنّما بعثت لأتمّم مكارم الأخلاق» (?) .

* وأخلاق الرسول صلّى الله عليه وسلّم هي الأخلاق التي بينها ربنا جل وعز، ودعانا إلى اتباعها في القرآن الكريم، وقد أدركت ذلك، وشهدته رؤية عين، أقرب الناس إلى الرسول صلّى الله عليه وسلّم، في أقواله وأفعاله وأحواله، أم المؤمنين عائشة- رضي الله عنها- فلم تجد وصفا يبين عظمة أخلاق الرسول صلّى الله عليه وسلّم، إلا بنسبة هذه الأخلاق إلى الوحي الإلهي، في كماله وجلاله. فقالت: «كان خلقه القرآن» (?) .

* ولذلك، فإن الخير كل الخير في أن تكون أخلاق الرسول صلّى الله عليه وسلّم في عظمتها وشمولها، معروفة للمسلمين جميعا، ليكون الاتباع، ولتظهر الأسوة الحسنة، في حياته الشريفة، التي أرادها الله لنا مثلا في حياة الإنسان، وتعامله مع الناس على هدى الإسلام.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015