نصر الله وعد الحق:

لقد وعدنا الله بالنصر المبين إذا نحن نصرناه، باتباع دينه والاهتداء بسنة نبيه صلّى الله عليه وسلّم في تبليغ دعوة الله إلى الخلق وإقامة شريعته، مصداقا لقوله تعالى: وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (?) .

لقد وعد المولى- عز وجل- البشرية كلها بالفلاح والفوز إن هم نصروا رسوله صلّى الله عليه وسلّم واتبعوا النور الذي أنزل معه، يقول الله تعالى: الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (?) ، وبذلك يتحقق خروج العالم مرة أخرى من الظلمات إلى النور، من ظلمات الباطل والجهل والانحلال إلى نور الحق والعلم والتمسك بقيم الخلق العظيم.

وطريقنا إلى هذا النصر الموعود كما أوجزه فضيلة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين يتمثل في تقوى الله وفي الصدق في كل شيء، والتمسك بالخلق الحميد، ونصرة الله تعالى، يقول فضيلته في إحدى خطبه الجامعة: اصدقوا الله تعالى في عقائدكم وفي نياتكم في أقوالكم وفي أفعالكم، عاملوا الله تعالى كما أمركم أن تعاملوه به، اعبدوه مخلصين له الدين، التزموا شريعته غير مغالين ولا مفرطين، انصروا الله تعالى بالانتصار على أنفسكم الأمارة بالسوء، والتغلب على أهوائكم التي تهوي بكم إلى النار، انصروا الله تعالى بالغيرة لدينه وحمايته والذود عنه، فإن الله يقول: وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ (?) .

فيا أمة القرآن، يا أمة محمد صلّى الله عليه وسلّم، يا أمة التوحيد والإيمان، إن هذه الآيات الكريمة وهذه الوعود المؤكدة الصادقة كلام ربكم العليم القدير، القوي العزيز، ولقد صدق الله وعده، وأنجز نصره، وهزم الأحزاب وحده، لقد كان ذلك حينما كانت الأمة الإسلامية قائمة بالشرط المشروط عليها للنصر تؤمن بالله ورسوله وتعبد الله وحده لا تشرك به شيئا، تقيم الصلاة وتؤتي الزكاة، وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، وتؤمن بالنصر من عند الله- عز وجل- لأنها تؤمن بأن لله وحده عاقبة الأمور، لا ترهب الأعداء ولا تخاف من قواهم المادية، وإنما تقابل عددهم بشجاعة عددهم بما هو أقوى وأعتى، وأفكارهم وتصرفاتهم الماكرة بما هو أدهى وأنكى، ممتثلين بذلك أمر الله- عز وجل-:

وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِباطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ (?) . معتمدين في ذلك على الله- عز وجل-: فَإِذا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (?) .

مؤمنين بقول من بيده ملكوت السماوات والأرض وهو يجير ولا يجار عليه إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلا غالِبَ لَكُمْ وَإِنْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015