كالتّنوّط، والمطّوّعة: الّذين يتطوّعون للجهاد (?) .

الطاعة اصطلاحا:

قال الجرجانيّ: الطّاعة هي موافقة الأمر عندنا (معشر أهل السّنة) ، وعند المعتزلة موافقة الإرادة.

وقال الكفويّ: الطّاعة فعل المأمورات ولو ندبا، وترك المنهيّات ولو كراهة، فقضاء الدّين والإنفاق على الزّوجة والمحارم ونحو ذلك طاعة لله وليس بعبادة.

وقال ابن المناويّ: (بعد أن نقل كلام الجرجانيّ) عرّفت الطّاعة أيضا بأنّها: كلّ ما فيه رضا وتقرّب إلى الله تعالى (?) .

وقال ابن علّان: هي الامتثال ظاهرا، والرّضا باطنا لحكم الله ورسوله وما يقوله من دعا إلى ذلك (?) .

أحوال الناس في الطاعة:

قال الماورديّ- رحمه الله-: ليس يخلو حال النّاس فيما أمروا به ونهوا عنه، من فعل الطّاعات واجتناب المعاصي، من أربعة أحوال: فمنهم من يستجيب إلى فعل الطّاعة، ويكفّ عن ارتكاب المعاصي. وهذا أكمل أحوال أهل الدّين، وأفضل صفات المتّقين، فهذا يستحقّ جزاء العاملين وثواب المطيعين، ومنهم من يمتنع عن فعل الطّاعات، ويقدم على ارتكاب المعاصي، وهي أخبث أحوال المكلّفين، وشرّ صفات المتعبّدين، فهذا يستحقّ عذاب اللّاهي عن فعل ما أمر به من طاعته، وعذاب المجترئ على ما أقدم عليه من معاصيه، وقد قال ابن شبرمة:

عجبت لمن يحتمي من الطّيّبات مخافة الدّاء كيف لا يحتمي من المعاصي مخافة النّار؟ فأخذ ذلك بعض الشّعراء، فقال:

جسمك قد أفنيته بالحمى ... دهرا من البارد والحار

وكان أولى بك أن تحتمي ... من المعاصي حذر النّار

ومنهم من يستجيب إلى فعل الطّاعات، ويقدم على ارتكاب المعاصي، فهذا يستحقّ عذاب المجترئ لأنّه تورّط بغلبة الشّهوة على الإقدام على المعصية، وإن سلم من التّقصير في فعل الطّاعة (?) .

قال الحافظ ابن كثير- رحمه الله- في قوله تعالى: فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ (النّساء/ 65) قال: يقسم تعالى بنفسه الكريمة المقدّسة أنّه لا يؤمن أحد حتّى يحكّم الرّسول صلّى الله عليه وسلّم في جميع الأمور، فما حكم به فهو الحقّ الّذي يجب الانقياد له باطنا وظاهرا، ولهذا قال: ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً (النساء/ 65) . أي إذا حكّموك يطيعونك في بواطنهم فلا يجدون في أنفسهم حرجا ممّا حكمت به، وينقادون له في الظّاهر والباطن فيسلّموا لذلك تسليما كلّيّا من غير ممانعة ولا مدافعة ولا منازعة (?) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015