في كلّ رحم من ذوي الأرحام (?) في الميراث يستوي فيه المحرم وغيره. وهذا هو الصّحيح لقوله صلّى الله عليه وسلّم: «إنّ أبرّ البرّ أن يصل الرّجل أهل ودّ أبيه» (?) .
قال النّوويّ: صلة الرّحم هي الإحسان إلى الأقارب على حسب حال الواصل والموصول، فتارة تكون بالمال وتارة بالخدمة، وتارة بالزّيارة والسّلام وغير ذلك (?) . وقد أوضح ابن منظور العلاقة بين المعنيين اللّغويّ والاصطلاحيّ فقال: هي كناية عن الإحسان إلى الأقربين من ذوي النّسب والأصهار، والعطف عليهم، والرّفق بهم، والرّعاية لأحوالهم، وكذلك إن بعدوا أو أساؤا، وقطع الرّحم ضدّ ذلك كلّه، فكأنّه بالإحسان إليهم قد وصل ما بينه وبينهم من علاقة القرابة والصّهر والصّلة الجائزة والعطيّة (?) .
قال القاضي عياض: لا خلاف أنّ صلة الرّحم واجبة في الجملة وقطيعتها معصية كبيرة والأحاديث تشهد لهذا، ولكنّ الصّلة درجات بعضها أرفع من بعض، وأدناها ترك المهاجرة بالكلام ولو بالسّلام، ويختلف ذلك باختلاف القدرة والحاجة فمنها واجب، ومنها مستحبّ. ولو وصل بعض الصّلة، ولم يصل غايتها لا يسمّى قاطعا، ولو قصّر عمّا يقدر عليه وينبغي له لا يسمّى واصلا (?) .
قال أبو البركات بدر الدّين محمّد الغزّيّ:
ويكون حسن العشرة والصّحبة للأهل والولد بالمداراة، وسعة الخلق والنّفس، وتمام النّفقة، وتعليم الأدب والسّنّة، وحملهم على الطّاعة، لقوله تعالى:
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ ناراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ عَلَيْها مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ ما أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ (التحريم/ 6 مدنية) . والصّفح عن عثراتهم والغضّ عن مساوئهم في غير إثم أو معصية (?) .
[للاستزادة: انظر صفات: الإحسان- البر- بر الوالدين- تكريم الإنسان- الاعتراف بالفضل- المروءة- المحبة- التودد- الإنفاق- الصدقة- حسن العشرة- حسن المعاملة- حسن الخلق.
وفي ضد ذلك: انظر صفات: قطيعة الرحم- الإساءة- الجحود- عقوق الوالدين- نكران الجميل- الكبر والعجب- سوء الخلق- سوء المعاملة] .