المنحرف بين أعضائها.
كما أنها أداة من أدوات توفير الأمن والاطمئنان الجسمي والنفسي، كما أنها تكون وحدة ثقافية خاصة ومتميزة، أي يكون لكل جماعة مجال محدد للنشاط والميول، ومجموعة معينة من القيم والاختيارات والتفضيلات تتضافر فيما بينها ويتكون منها النمط الاجتماعي للجماعة (?) .
ومن المهم الإشارة إلى أن جماعة الرفاق تعتبر انعكاسا لثقافة المجتمع الذي يعيشون فيه، وتتبلور فيها قيم المجتمع التي يؤمن بها، فالناشىء ينقل إلى هذه الجماعة ثقافة أسرته وثقافة المجتمع الذي ينتمي إليه، وبالجملة فإن جماعة الرفاق من أهم الجماعات التربوية المؤثرة في نقل القيم وغيرها من المكونات الثقافية للمجتمع، ولذا تعتبر وسطا مهمّا جدّا في هذا المجال.
ولهذه الأهمية فقد حظيت باهتمام خاص من توجيهات الإسلام، ومفكريه ورجالات التربية الإسلامية، ففي صلاحها صلاح الفرد، وصلاح الفرد صلاح لها، ونجد توجيهات إسلامية واضحة تدعو الآباء والأمهات والمربين إلى العناية بتوجيه أبنائهم إلى اختيار رفقائهم من الأخيار الصالحين دينا وخلقا وسلوكا حتى يقتدوا بهم، ويكتسبوا منهم الصفات الحميدة والخلال الفاضلة، وأن يجنبوهم مخالطة الأشرار حتى لا يقلدوهم ويسلكوا طريقهم المعوج (?) .
وبتوجيه عام نقرأ في القرآن آيات عن أهمية الصحبة والرفقة، تؤكد ما ذهبنا إليه، يقول الله تعالى: وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ يَقُولُ يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا* يا وَيْلَتى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلًا (?) . الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ (?) . وَما أَضَلَّنا إِلَّا الْمُجْرِمُونَ* فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ* وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ (?) .
وعن أبي سعيد- رضي الله عنه- أنه سمع النبي صلّى الله عليه وسلّم يقول: «لا تصاحب إلا مؤمنا ولا يأكل طعامك إلا تقي» (?) . وعن أبي هريرة أنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل» (?) .
وقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «مثل الجليس الصالح والسوء، كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك: إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحا طيبة، ونافخ الكير: إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد ريحا