يدعو إليه هو أمر ممكن التنفيذ، وآية ذلك أنه مشخص في سلوكه» (?) . وهناك الكثير من مواقف حياة الرسول صلّى الله عليه وسلّم تترجم هذا وتدل عليه.

إن التربية الحقيقية هي التي تحاول أن تجعل من العلم سلوكا حقيقيّا، ومن الأفكار مواقف، والرسول صلّى الله عليه وسلّم يصور هذا فيما يروى عنه، فالعلم قبل القول والعمل، ولكن العمل ضروري لا يكفي القول ولا العلم، حتى الإيمان يعتبر عملا، وقد جاء في صحيح البخاري باب بعنوان: «من قال إن الإيمان هو العمل» لقول الله تعالى:

وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوها بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (?) . وقال عدة من أهل العلم في قوله تعالى: فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ* عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ (?) . عن قول لا إله إلا الله، وقال: لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ الْعامِلُونَ (?) . ويروى عن أبي هريرة أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم سئل «أي العمل أفضل؟ فقال: الإيمان بالله ورسوله، قيل: ثم أي؟ قال: الجهاد في سبيل الله، قيل: ثم ماذا؟ قال: حج مبرور» (?) .

ومن هذا القبيل الأمر بالتبليغ عن رسول صلّى الله عليه وسلّم، ومن هذا القبيل أيضا ما روي عن شعبة عن أبي جمرة، قال:

كنت أترجم بين ابن عباس وبين الناس، فقال: إن وفد بني عبد القيس أتوا النبي صلّى الله عليه وسلّم، فقال: «من القوم أو من الوفد؟» قالوا: ربيعة، فقال: «مرحبا بالقوم أو الوفد، غير خزايا ولا ندامى» قالوا: إنا نأتيك من شقة بعيدة، وبيننا وبينك هذا الحي من كفار مضر، ولا نستطيع أن نأتيك إلا في شهر حرام، فمرنا بأمر نخبر به من وراءنا، ندخل به الجنة، فأمرهم بأربع ونهاهم عن أربع: أمرهم بالإيمان بالله- عز وجل- وحده، قال: «هل تدرون ما الإيمان بالله وحده» قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: «شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وتعطوا الخمس من المغنم» . ونهاهم عن الدّبّاء والحنتم والمزفت، قال شعبة: ربما قال:

«النقير» وربما قال «المقير» ، قال: «احفظوه وأخبروه من ورائكم» (?) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015