فيم أفناه وعن علمه ما عمل به، وعن ماله من أين اكتسبه، وفيم أنفقه، وعن جسمه فيم أبلاه» (?) .

ويقول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: «كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته، والرجل راع في أهله ومسئول عن رعيته، والمرأة في بيت زوجها راعية، ومسئولة عن رعيتها، والخادم راع في مال سيده ومسئول عن رعيته» (?) .

وكما نلاحظ، فإن المسئولية شاملة كل شيء في حياة الإنسان. إذ أن كل فرد مسئول مسئولية تامة عن حسن سير الأمور في مجاله، سواء كانت عامة أم خاصة، إذا وكلت إليه، وأسند إليه مسئوليتها.

شروط المسئولية الخلقية في الإسلام:

ذكرنا أن الأخلاق في الإسلام تقوم على أساس من التكليف، وذكرنا أن الإنسان لكي يكون مكلفا، لابد وأن يكون حرا، وأن تكون لديه الإمكانيات اللازمة للقيام بمهام التكليف، وأوضحنا ذلك بما يكفي للإفادة في هذا المجال، ومع هذا فيمكن عرض شروط تحمل المسئولية في إيجاز فيما يأتي:

1- الإعلام والبيان:

إن الإنسان يجب أن تصل إليه الدعوة، وذلك حتى تستيقظ الضمائر الغافلة، وهذا لا يتم إلا بإعلام الإنسان بما هو مفروض وواجب عليه فعلا أو تركا، بمعنى أن الإنسان لابد أن يكون عالما بما هو مكلف به.

وقد اقتضت الحكمة الإلهية أن يعلم الإنسان وتعلم الأمم بواجباتها وحقوقها عن طريق الرسل الذين يذكرونهم دائما بالأوامر الشرعية من أجل تحقيق المسئولية والالتزام، وقد وردت الآيات القرآنية دالة على ذلك، فما كان الله ليحاسب إلا بعد الإبلاغ والبيان والإعلام، وما كان الله ليعذب أهل القرى دون أن يرسل لهم الرسل والأنبياء لدعوتهم إلى التقوى والصلاح وحتى يكونوا شهداء عليهم، يقول الحق تبارك وتعالى:

- وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا (الإسراء: 15) .

- وَما كانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّها رَسُولًا يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِنا (القصص: 59) .

- وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا لَها مُنْذِرُونَ* ذِكْرى وَما كُنَّا ظالِمِينَ (الشعراء: 208، 209) .

- هذا بَيانٌ لِلنَّاسِ وَهُدىً وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ (آل عمران: 138) .

- وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ (إبراهيم: 4) .

إن معنى ذلك أن هذا البيان والإعلام هدفه الأساسي رد الناس إلى الاهتداء بنور الوحي المنزل حتى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015