وطبيعتها ومغزاها الاجتماعي وغايتها.
وللنظام الأخلاقي في الإسلام طابعان مميزان (?) :
الأول: طابع إلهي من حيث أنه مراد لله، إذ أنه يجب أن يتبع الإنسان في هذه الحياة رغبة الله في خلقه، ولذلك جاء الوحي بصورة هذا النظام.
الثاني: طابع إنساني من حيث إن هذا النظام عام في بعض نواحيه يتضمن المبادىء العامة، وللإنسان دوره في تحديد واجباته الخاصة والتعرف على طبيعة مظاهر السلوك الإنساني المعبرة عن القيم. لذا تعد الأخلاق روح الإسلام، حيث يقول الرسول صلّى الله عليه وسلّم «البر حسن الخلق» (?) .
من الناس من يظن- وبعض الظن إثم- أنه لا يوجد فكر أخلاقي عند المسلمين، ومنهم من يجعل الفكر الفلسفي شاملا للفكر الأخلاقي في التراث الإسلامي، ومنهم من ينظر إلى الفكر الصوفي على أنه الفكر الأخلاقي المعتمد للمسلمين.
إن هذه الأطروحات المختلفة لا تلبث أن تتهاوى أمام حقيقة ناصعة البياض، وهي أن الفكر الأخلاقي قد وجدت أسبابه ودواعيه منذ تلك اللحظة التي أمر فيها الرسول الكريم صلّى الله عليه وسلّم ب «مكارم الأخلاق» (?) ، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإنه قد تقرر عند العلماء أنه لا يوجد فكر ديني دون أن يكون هناك فكر أخلاقي انطلاقا من أن الفكر الديني هو الذي يحدد الإطار العام لأفكار معتنقيه، ويجيب عن التساؤلات الإنسانية الكبرى مثل خلق الإنسان والتدبر في نعم الله وآلائه، أما الفكر الخلقي فإنه يحدد أنماط السلوك التي يمارسها الإنسان في هذه الحياة، ومن المعروف أن الإسلام عقيدة وشريعة؛ فالعقيدة تتضمن الفكر والشريعة تتضمن أنماط السلوك تجاه المولى- عز وجل- كما في العبادات، أو تجاه النفس كما في العفة والطهر ونحوها، أو تجاه الآخرين كما في البر والصدقة والإيثار ونحو ذلك.
لقد وجد الفكر الأخلاقي عند المسلمين طريقة للتأثير على الفكر الأخلاقي على المستوى العالمي بوجه عام والفكر الغربي بوجه خاص، ولا يزال هذا الفكر مسيطرا على سلوك المسلمين في الحاضر، ويعمل على صياغة حياتهم في المستقبل، ولم يكن الأمر كذلك إلا لكون هذا الفكر الإسلامي فكرا كونيا يعالج قضايا الحياة الإنسانية من منظور يسمو على النواحي القومية والعرقية والإقليمية، وما ذلك إلّا «لأن الإسلام الذي ينبعث منه هذا الفكر هو دين كوني وشمولي من ناحية، ولأن ممارسة هذا التفكير في ظل الإسلام، وانطلاقا من القيم والثوابت