هذه التربية تعد الإنسان للحياة كما تعده للموت، وتربط بينه وبين محيطه المادي والمعنوي، وهذا الترابط ينتج عنه تكامل وتفاعل بين عناصر الوجود، وهو سر من أعظم أسرار الخليقة مكن التربية القرآنية من أن تتميز بالاستمرارية والعمومية لكل الناس في كل زمان ومكان.
ج- التربية الإسلامية تهتم بالفرد كما تهتم بالمجتمع وتوازن بين احتياجات الدنيا واحتياجات الآخرة وبين القوة والرحمة، يقول الله تعالى: وَابْتَغِ فِيما آتاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيا وَأَحْسِنْ كَما أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (القصص/ 77) .
6- أن تنمية هذه الأخلاقيات منوط بالعملية التربوية ووظيفتها فى الوجود الاجتماعي، وذلك لا يكون إلا بالنظر إلى حركتها ككل مترابط شامل، فى علاقاتها المتشابكة بكل مكونات المجتمع، وبكل مكونات الحياة الفردية، ويعنى هذا أن القيم الخلقية الإسلامية تلعب الدور الأكبر فى تحديد دور التربية ووظيفتها، لأنها تتخلل كل مكونات المجتمع الإسلامي.
7- ترتبط القيم والأخلاق الإسلامية بالجزاءات الدنيوية والأخروية ولذا كان الوعد والوعيد والترغيب والترهيب وكان لها هدف أسمى وراء الالتزام (بعد الاختبار) القائم على وعي كامل لما جاء به الشرع وأمر بالالتزام به وذلك الهدف هو إرضاء الله تعالى ويأتي الجزاء بعد ذلك والذي لا يحرم منه الملتزم العابد (?) .
ومن أجل بلوغ هذا الهدف التربوي لا بد أن يكون ما تصبو إليه ممكنا وهذا هو ما أثبته رسولنا الكريم صلّى الله عليه وسلّم بالفعل وبرهان ذلك أن الخلق النبوي الكريم ظل قائما مئات السنين وكان سيظل أسوة حسنة لقوله تعالى: لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً (الأحزاب/ 21) .
إن السبيل إلى الوصول إلى هذا الهدف السامي موضح بجلاء في كتاب الله تعالى بقوله تعالى: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (آل عمران/ 31) .
وبهذا الجهد نتوجه إلى العالم الإسلامي بكافة فئاته وطوائفه، ذلك المجتمع المتطلع إلى التقدم الحضاري والدور المتميز فى العطاء الحضاري، والهداية الإنسانية، وعلى وجه الخصوص تلك الفئات التي تتعامل بطريقة مباشرة فى مجال بناء الإنسان، أعز ما يملكه هذا المجتمع، ومنهم:
1- المعلمون والمربون، الذين يشكلون القدوة لأبنائنا فى المدارس عبر مساحات العالم الإسلامي، ولهم تأثير واسع وكبير فى بناء شخصيات هؤلاء الأبناء.