هناك قيم مهملة، فإنه لا يمكن التمعن فى الاختيار بين مساق ومساق، وبغير القيم تصبح الحياة مستحيلة (?) .

إزاء هذا- أيضا- لا بد أن ندرك أهمية وجود منظومة الأخلاق والقيم المتميزة بالتعدد والمرونة فى ظل التقدم العلمي والتقني، والذى غدا يمس كل مكون من مكونات الحياة الإنسانية ولم يستطع أن يحل مشكلات الإنسان المعاصر، فبالرغم من مساهماته، إلا أننا نرى اضطرابات ومؤثرات اجتماعية واقتصادية وسياسية، هذا إلى جانب تفاقم مشكلات العمل والصراع بين الفقراء والأغنياء من الدول، وتفاقم المنازعات الإقليمية، إلى جانب مشكلات أخرى تعمل كلها على تقويض حضارة العالم كله.

وامتد أثر ذلك كله إلى المجتمع الإسلامي فى تربيته وتعليمه، وعلى بناء الشخصية المتميزة فى هذا المجتمع، فخصائص المجتمع وأمراضه الخلقية تفرض مراجعة الذات ونقدها وتحليلها من أجل تأكيد القيم التى تعتبر الأساس السليم لبناء تربوى متميز، لأن التقدم الأعمى الذى لا يقوم على أساس قيمى لا بد أن يؤدى إلى تعريض الشخصية للضياع.

ويتأكد ذلك فى خضم نتائج التيارات الفكرية المتصارعة، ووسط ذلك الزخم الهائل المتراكم عن التربية الإسلامية، وعلى كافة الأصعدة الفكرية فى موجات البحث عن الذات، وعن الوعي بها، وإذا كان ثمة أفكار طرحت فى سبيل تربية الإنسان وبناء شخصيته، فإننا قد نجد منها الكثير مما يسير فى طريق أحادى التفسير، يرى فى التكوين الجزئي سبيلا إلى تكوين الشخصية الإنسانية، فى حين أن المفروض أن ينظر إلى الأمر بطريقة متكاملة، بحيث تصاغ تلك الشخصية المتكاملة، بطريقة متكاملة، لا اهتمام فيها بجزء من الشخصية لحساب جانب آخر.

ولتوضيح أهمية هذه الفكرة لعله من المهم استشارة مفهوم التربية ذاته، والمؤثرات التى تساعدها، فالتربية هي تعني: «مجموعة المؤثرات المعينة التى تمتد إلى إحداث تغيرات لدى الأفراد حتى يكتسبوا سمات الشخصية التى نتفق على اعتبار أنها قد تزودت بالخصائص التربوية، فالأمر المسلم به أن الفرد لكي يتسنى الحكم عليه بأنه قد تمت تربيته، فإن ذلك يعني أنه قد تعلم أن يصبح شخصا سويّا» (?) .

ولذلك فإن هناك عددا من المؤشرات التي تصحب عملية التربية طبقا لهذا المفهوم وتتمثل فيما يلى:

1- مجموعة المعارف والمهارات والاتجاهات معبرا عنها فى أهداف سلوكية.

2- مجموعة القيم والمثل العليا التي تنبني عليها وتتضمنها العملية التربوية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015