يكون بفضل الله وبرحمته مصداقا لقوله تعالى قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (?) ، وإذا تخلّى عن هذه الذنوب فليتحلّ بأضدادها من نحو الخشوع والخشية والخوف من الله تعالى والتواضع والرحمة (?) ونحو ذلك.
(?) ، كما في الحسد، والبغي، والغل، والخداع، والمكر، والأمر بالمنكر والنهي عن المعروف، والافتتان بالمال أو الجاه أو السلطان (?) ، فهذه تؤدي إلى ذنوب الشح والبخل وحب التكاثر والجبن، ويتذكر قوله تعالى: أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ* حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقابِرَ (?) ، وعليه أن يتحلى بعكس ذلك من صفات الحب والأمانة وسلامة الصدر والأمر بالمعروف ونحوها، كما يلزمه البعد عن سائر أنواع الذنوب الأخرى.
وليست بحال دليلا على إكرام الله- عز وجل- له، فقد نفى القرآن الكريم أن تكون كثرة المال أو الولد دليلا على رضى المولى تعالى، وإنما العمل الصالح هو الوسيلة الحقيقية للحصول على هذا الرضوان والقرب من الله- عز وجل- يقول سبحانه: وَما أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنا زُلْفى (?) ، وهى على العكس من ذلك فتنة واختبار ينجح فيه من ينجح ويفشل فيه من يفشل، يقول الله تعالى: وَاعْلَمُوا أَنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ
(?) ، والحذر من الفتنة يقتضي الابتعاد عن الترف لأنه يضعف الإرادة الإنسانية ويجعلها شديدة الحرص على التقليد واستمرار ما هي فيه فلا تتطلع إلى آفاق جديدة لإصلاح المجتمعات التي تعيش بين ظهرانيها، كما أن الترف مدعاة للانزلاق في هاوية المنكرات وإلى الفخر والعجب والتكاثر ورفض الحق (?) ، قال تعالى: وَما أَرْسَلْنا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قالَ مُتْرَفُوها إِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ (?) .
لقد بلغ الصراع على المال أشدّه في هذا العصر، وصرف كثيرا من الناس عن ربهم وعن الأخذ بالقيم الأخلاقية النبيلة، وأدى إلى إثارة أغلب المشاكل التي يعانيها العالم اليوم وإن كثيرا من الخلطاء ليبغي بعضهم على بعض، ولهذا توجهت تعاليم القرآن إلى التخفيف من شرور المال وتحذير الناس من الانقياد الكلي له كي لا يفتنهم عن دينهم ويلهيهم عن ذكر الله (?) ، قال سبحانه في وصف المؤمنين: رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقامِ الصَّلاةِ وَإِيتاءِ الزَّكاةِ يَخافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصارُ (?) . وعلى العكس من ذلك فقد أرشدهم