ذكرنا أن المسلم، بل الإنسان عامة يعيش دائما في لحظة ما من لحظات الابتلاء، إذ هو فيما يتعلق بالابتلاء التكليفي إما في طاعة أو معصية، وفيما يتعلق بابتلاء الفتنة إما في رخاء ودعة يرفل في ثياب النعمة أو في ضيق وكرب وشقاء، تتكالب عليه صروف الدهر ويذوق البأساء أشكالا وألوانا، فماذا يصنع في كل هذه المواقف؟ على هذا السؤال سوف نجيب في الفقرات الآتية:
ثانيا: تعامل المسلم المبتلى بالسراء.
ثالثا: تعامل المسلم المبتلى بالمعاصي.
رابعا: تعامل المسلم المبتلى بالطاعات.
أولا: تعامل المسلم المبتلى بالضراء:
إذا ابتلي المسلم في بدنه أو أهله أو ماله، فإن عليه أن يسير وفق المنهج الإسلامي الصحيح لمواجهة مثل هذه الحالة وتتلخص خطوات هذا المنهج في النقاط الآتية:
- الخطوة الأولى: على المسلم أن يعتقد اعتقادا جازما بأن هناك حياة أخرى هي خير من هذه الحياة، قال تعالى: وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقى (?) ، وقال سبحانه: وَلَدارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دارُ الْمُتَّقِينَ (?) ، ويعني اعتقاد هذا أن تلك المحنة مهما طالت فهي إلى زوال، لأن الدنيا نفسها زائلة، وهي لا تعدو أن تكون دار امتحان وابتلاء، يقول الله تعالى: أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ* وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكاذِبِينَ (?) . ومن هذا المنظور للحياة يتكون لدى الشخص المبتلى حوافز للرقي والسمو فوق المحنة، فيجاهد نفسه، ويقول عند المصيبة إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ (?) . وقد جعل الله هذه الجملة ذكر الذاكر بعد نزول المصائب، لأن المصائب لا تعدو أن تكون سلبا للنّعم التي سبق أن أنعم الله بها عليه، أو حرمانا من النعم التي أنعم الله بمثلها على عباده، والنعم لدى التحقيق هي ملك لله تعالى، والناس وسائر عباد الله الذين ينعم عليهم بالنعم هم أيضا ملك لله تعالى، ومصير العباد كلّهم أن يرجعوا إلى مالكهم، ومصير الأشياء كلّها أن تعود إلى مالكها سبحانه وتعالى، فهو الذي يقول في كتابه: إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ (?) . وقال سبحانه: يا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (?) .