و - الاستقامة:

والسلام: «التقوى ههنا» وأشار إلى صدره (?) ، وتفسر التقوى أيضا بالطاعة والذكر والشكر، ذلك قوله سبحانه:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ (?) . قال ابن مسعود في تفسيرها: أن يطاع فلا يعصى ويذكر فلا ينسى وأن يشكر فلا يكفر (?) .

والاستقامة:

الاستقامة هنا هي- كما يقول ابن رجب- استقامة القلب على التوحيد. وقد فسر أبو بكر الصديق- رضي الله عنه- الاستقامة في قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا (?) . بأنهم لم يلتفتوا إلى غيره، فمتى استقام القلب على معرفة الله تعالى، وعلى خشيته وإجلاله ومهابته ومحبته وإرادته، ورجائه ودعائه والتوكل عليه والإعراض عما سواه، استقامت

الجوارح كلها على طاعته، فإن القلب هو ملك الأعضاء، وهي جنوده، فإذا استقام الملك استقامت جنوده ورعاياه، وأعظم ما يراعى استقامته بعد القلب من الجوارح اللسان، فإنه ترجمان القلب والمعبر عنه (?) . يقول ابن القيم: الاستقامة هي سلوك المنهج القويم، وهي كلمة جامعة آخذة بمجامع الدين، وهي القيام بين يدي الله تعالى على حقيقة الصدق والوفاء بالعهد، وتتعلق بالأقوال والأفعال والأحوال والنيات، وهي تعني في ذلك كله: وقوعها لله وبالله وعلى أمر الله (?) . فالأقوال تشمل الدعاء والذكر ونحو ذلك من أعمال اللسان، وأعمال الجوارح تشمل الحج والعمرة ونحو ذلك، أما النيات فإنها تشمل الإيمان والإخلاص ونحوها، ويجمع ذلك كله الصلاة فإنها صلة بين العبد وربه وهي عمود الإسلام لأنها تجمع بين الأقوال والأفعال والنيات (?) .

ويترتب على الاستقامة والتقوى القلبيين التزام العبد بطاعة الله تعالى في كل ما أمر به أو نهي عنه وبذلك يحسن إيمانه ويقوى إسلامه، ويتجلى إحسانه.

والخلاصة: أن هذه الصفات وما أشبهها من نحو الوجل، والإنابة، والضراعة، ينتج عنها من الثمار ما تصلح به جميع علاقات الإنسان، فعلاقة العبد بربه يصلحها: الخوف، والخشية، والخشوع.. ونحو ذلك. أما العلاقة بين العبد ونفسه فيصلحها: الطمأنينة، والسكينة، وانشراح الصدر.. ونحو ذلك. وفيما يتعلق بعلاقة الإنسان بالآخرين فإنها تصلح بالألفة، والرأفة، والرحمة.. ونحو ذلك، ومرد ذلك جميعه إلى صلاح القلب وما يتبعه من صلاح الجسد كما قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم في الحديث الذي أوردناه سابقا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015