والتّبيّن والتّثبّت من خصائص أهل الإيمان، قال الحسن البصريّ- رحمه الله-: «المؤمن وقّاف حتّى يتبيّن» وقال الإمام محمّد بن عبد الوهّاب- رحمه الله-:
«ومتى لم يتبيّن لكم المسألة لم يحلّ لكم الإنكار على من أفتى أو عمل حتّى يتبيّن لكم خطؤه، بل الواجب السّكوت والتّوقّف» .
فالواجب على المسلم أن يحسن الظّنّ بكلام أخيه المسلم، وأن يحمل العبارة المحتملة محملا حسنا.
فقد حثّ الرّسول صلّى الله عليه وسلّم على إحسان الظّنّ بالمسلم حين قال وهو يطوف بالكعبة: «ما أطيبك وأطيب ريحك، وما أعظمك وأعظم حرمتك، والّذي نفس محمّد بيده لحرمة المؤمن أعظم عند الله حرمة منك، ماله ودمه، وأن لا يظنّ به إلّا خيرا» .
وقال سعيد بن المسيّب: كتب إليّ بعض إخواني من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «أن ضع أمر أخيك على أحسنه ما لم يأتك ما يغلبك، ولا تظنّنّ بكلمة خرجت من امريء مسلم شرّا وأنت تجد لها في الخير محملا» .
فقد ذكّر الرّسول صلّى الله عليه وسلّم عمر بحسنات حاطب فقال: «وما يدريك يا عمر لعلّ الله قد اطّلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم» .
فكون حاطب من أهل بدر ترفعه ويذكر له في مقابل خطئه الفاحش، ولذا غفر له خطؤه.
فالنّقد الموضوعيّ هو الّذي يتّجه إلى الموضوع ذاته وليس إلى صاحبه. وكان الرّسول صلّى الله عليه وسلّم إذا حدث خطأ من أحد أصحابه أو بعضهم. لا يسمّيهم غالبا وإنّما يقول: «ما بال أقوام» ، «ما بال رجال» .
وقد حذّر الرّسول صلّى الله عليه وسلّم من الجدل المفضي إلى الخصومة فقال: «إنّ أبغض الرّجال إلى الله الألدّ الخصم» .
وقال ابن عبّاس- رضي الله عنهما-: «لا تمار أخاك فإنّ المراء لا تفهم حكمته، ولا تؤمن غائلته..» .
وقال مالك بن أنس: «المراء يقسّي القلوب، ويورث الضّغائن» .
وقد علّمنا ذلك رسولنا الكريم صلّى الله عليه وسلّم حينما قتل أسامة بن زيد المشرك بعد أن قال: لا إله إلّا الله، فلمّا علم صلّى الله عليه وسلّم أنكر ذلك عليه، فقال أسامة: إنّما قالها متعوّذا. فقال صلّى الله عليه وسلّم: «هلّا شققت عن قلبه» . (?) .
[للاستزادة: انظر صفات: الإحسان- التوسط- العدل والمساواة- القسط- المروءة.
وفي ضد ذلك: انظر صفات: الإساءة- البغى- الظلم- العدوان] .