/ الآيات/ الأحاديث/ الآثار/
/ 18/ 4/ 8/
تدور مادّة (ن وب) حول الرّجوع. يقول ابن فارس «النّون والواو والباء كلمة واحدة تدلّ على اعتياد مكان ورجوع إليه» (?) . تقول «أناب فلان إلى الشّيء، رجع إليه مرّة بعد أخرى، وإلى الله تاب ورجع» (?) . وقال الرّاغب «الإنابة إلى الله تعالى:
الرّجوع إليه بالتّوبة وإخلاص العمل» (?) .
وفي التّنزيل العزيز: مُنِيبِينَ إِلَيْهِ (الروم/ 31) أي راجعين إلى ما أمر به، غير خارجين عن شيء من أمره. وقوله عزّ وجلّ: وَأَنِيبُوا إِلى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ (الزمر/ 54) أي توبوا إليه وارجعوا.
وقال الجوهريّ: «أناب إلى الله أي أقبل وتاب» .
وقال ابن الأثير: يقال أناب ينيب إنابة، فهو منيب، إذا أقبل ورجع، وفي حديث الدّعاء: «وإليك أنيب» (?) .
الإنابة: إخراج القلب من ظلمات الشّبهات. وقيل:
الإنابة: الرّجوع من الكلّ إلى من له الكلّ.
وقيل: الإنابة: الرّجوع من الغفلة إلى الذّكر، ومن الوحشة إلى الأنس.
وقال الكفويّ: الإنابة: الرّجوع عن كلّ شيء إلى الله تعالى (?) .
وقال ابن القيّم: الإنابة: الإسراع إلى مرضاة الله مع الرّجوع إليه في كلّ وقت، وإخلاص العمل له (?) .
الإنابة إنابتان: إنابة لربوبيّته. وهي إنابة المخلوقات كلّها. يشترك فيها المؤمن والكافر، والبرّ والفاجر. قال الله تعالى: وَإِذا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُمْ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ (الروم/ 33) . فهذا عامّ في حقّ كلّ داع أصابه ضرّ. كما هو الواقع. وهذه «الإنابة» لا تستلزم الإسلام، بل تجامع الشّرك والكفر. كما قال تعالى في حقّ هؤلاء: ثُمَّ إِذا أَذاقَهُمْ مِنْهُ رَحْمَةً إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ* لِيَكْفُرُوا بِما آتَيْناهُمْ (الروم/ 33- 34) . فهذا حالهم بعد إنابتهم.
والإنابة الثّانية. إنابة أوليائه. وهي إنابة لإلهيّته إنابة عبوديّة ومحبّة، وهي تتضمّن أربعة أمور: