لما كان الابتلاء علاقة تربط بين النفس الإنسانية وبين الحياة، كان لزاما علينا أن نوضح المقصود بهذه المفاهيم الأساسية في اللغة والاصطلاح، وأن نكشف عنها من منظور إسلامي، ونبدأ أولا ب:-
الحياة: نقيض الموت، والحيّ: نقيض الميت، والحيوان اسم يقع على كل شيء حيّ (?) ، أما الدنيا فهي نقيض الآخرة، سميت بذلك لدنوها أي لأنها دنت وتأخرت الآخرة، وكذلك السماء الدنيا هي القربى إلينا، وقيل: الدنيا اسم لهذه الحياة (سميت بذلك) لبعد الآخرة عنها (?) ، وقال الفيروزابادي: الحياة باعتبار الدنيا والآخرة ضربان:
الحياة الدنيا والحياة الآخرة (?) .
الدنيا أو الحياة الدنيا هي ذلك الحيز المكاني والزماني منذ خلق الله الكون وحتى يرث الله الأرض ومن عليها، وهي بالنسبة للآدمي أو جنس الإنسان تمتد منذ خلق الله آدم عليه السلام وإلى أن تقوم الساعة، أما بالنسبة للأفراد أو الأشخاص فهي لا تعدو تلك الفترة الزمنية التي تمتد من لحظة الميلاد إلى لحظة الوفاة. والمقصود بها هنا: الزمن الذي يحدث فيه الابتلاء (?) ، أما مكانه فهو الأرض التي نحيا عليها، وقد وصف الله عز وجل هذه الدنيا بصفات عديدة نوجزها فيما يلي:-
الحياة الدنيا كما وصفها المولى عزّ وجلّ في القرآن الكريم ذات أحوال متعددة أهمها:- 1- ذات عمر قصير ومتاع قليل: يقول الله تعالى: وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ ما لَبِثُوا غَيْرَ ساعَةٍ كَذلِكَ كانُوا يُؤْفَكُونَ (?) . ويقول سبحانه: قُلْ مَتاعُ الدُّنْيا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقى وَلا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا (?) .
2- دار لهو ولعب وزينة وتفاخر: تأمّل قوله سبحانه: اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكاثُرٌ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَباتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَراهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطاماً وَفِي الْآخِرَةِ عَذابٌ