وبالجملة فالمانع من الاستدلال بالحديث المرسل الذي تعدد مرسِلوه أحد الاحتمالين: الأول: أن يكون مصدر المرسلين واحدًا.
الثاني: أن يكونوا جمعًا، ولكنهم جميعًا ضعفاء ضعفًا شديدًا. وبعد هذه المقدمة نستطيع أن نقول:
إننا لو ألقينا النظر على روايات هذه القصة، لألفيناها كلها مرسَلة، حاشا حديث ابن عباس، ولكن طرقه كلها واهية شديدة الضعف لا تنجبر بها تلك المراسيل، فيبقى النظر في هذه المراسيل، وهي كما علمت سبعة، صح إسناد أربعة منها، وهي مرسل سعيد بن جبير، وأبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث، وأبي العالية "رقم1-3"، ومرسل قتادة، رقم "5" وهي مراسيل يرد عليها أحد الاحتمالين السابقين، لأنهم من طبقة واحدة: فوفاة سعيد بن جبير سنة "95" وأبي بكر بن عبد الرحمن سنة "94"، وأبي العالية -واسمه رفيع مصغرًا- سنة "90" وقتادة سنة بضع عشرة ومائة، والأول كوفي، والثاني مدني، والأخيران بصريان. فجائز أن يكون مصدرهم الذي أخذوا منه هذه القصة ورووها عنه، واحدًا لا غير، وهو مجهول.