فَلَمَّا كَانَ فِي آخِرِ اللَّيْلِ، قَالَ له سَلْمَانُ: قُمْ الْآنَ: قَالَ: فَصَلَّيَا، فَقَالَ لَهُ سَلْمَانُ: إنَّ لِرَبِّك عَلَيْك حَقًّا، وَلِنَفْسِك عَلَيْك حَقًّا، وَلِأَهْلِك عَلَيْك حَقًّا. فَأَعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، فَأَتَى النَّبِيَّ عليه السلام، فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ عليه السلام: "صَدَقَ سَلْمَانُ"، انْتَهَى. وَهَذَا الْحَدِيثُ صَرِيحٌ فِي إبَاحَةِ الْفِطْرِ مِنْ التَّطَوُّعِ لِعُذْرِ الضِّيَافَةِ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ فِيهِ لِذِكْرِ الْقَضَاءِ، وَبَوَّبَ عَلَيْهِ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّوْمِ بَابُ مَنْ أَقْسَمَ عَلَى أَخِيهِ لِيُفْطِرَ فِي التَّطَوُّعِ"، وَلَمْ يَرَ عَلَيْهِ قَضَاءً، وَبَوَّبَ عَلَيْهِ فِي "كِتَابِ الْأَدَبِ بَابَ صُنْعِ الطَّعَامِ لِلضَّيْفِ".
أَحَادِيثُ الْفِطْرِ فِي التطوع أخرج أَبُو دَاوُد1، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كُنْت أَنَا وَحَفْصَةُ صَائِمَتَيْنِ، فَعَرَضَ طَعَامٌ اشْتَهَيْنَاهُ، فَأَكَلْنَا مِنْهُ، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَدَرَتْنِي إلَيْهِ حَفْصَةُ، وَكَانَتْ ابْنَةَ أَبِيهَا، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّا كُنَّا صَائِمَتَيْنِ، فَعَرَضَ لَنَا طَعَامٌ اشْتَهَيْنَاهُ، فَأَكَلْنَا مِنْهُ، قَالَ: "اقْضِيَا يَوْمًا آخَرَ مَكَانَهُ"، انْتَهَى. أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد، وَالنَّسَائِيُّ عَنْ زُمَيْلٍ عَنْ عُرْوَةَ بِهِ، وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ2 عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ بِهِ، قَالَ التِّرْمِذِيُّ: وَرَوَى صَالِحُ بْنُ أَبِي الْأَخْضَرِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حَفْصَةَ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ، مِثْلَ هَذَا، وَرَوَى مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَمَعْمَرٌ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، وَزِيَادٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ مَالِكِ بْنِ سَعْدٍ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْحُفَّاظِ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَائِشَةَ، وَلَمْ يَذْكُرُوا فِيهِ عَنْ عُرْوَةَ، وَهَذَا أَصَحُّ، لِأَنَّهُ يُرْوَى عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: سَأَلْت الزُّهْرِيَّ، فَقُلْت لَهُ: أَحَدَّثَك عُرْوَةُ عَنْ عَائِشَةَ؟ قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ عُرْوَةَ فِي هَذَا شَيْئًا، وَلَكِنْ سَمِعْت فِي خِلَافَةِ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ مِنْ نَاسٍ عَنْ بَعْضِ مَنْ سَأَلَ عَائِشَةَ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ: حَدَّثَنَا بِذَلِكَ عَلِيُّ بْنُ عِيسَى الْبَغْدَادِيُّ ثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ، فَذَكَرَهُ، انْتَهَى. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: لَا يُعْرَفُ لِزُمَيْلٍ سَمَاعٌ عَنْ عُرْوَةَ، وَلَا لِيَزِيدَ مِنْ زُمَيْلٍ، وَلَا تَقُومُ بِهِ الْحُجَّةُ، انْتَهَى. وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: إسْنَادُهُ ضَعِيفٌ، وَزُمَيْلٌ مَجْهُولٌ، قَالَ: وَلَوْ ثَبَتَ احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ أَمَرَهُمَا اسْتِحْبَابًا، انْتَهَى. وَبِسَنَدِ التِّرْمِذِيِّ رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ"3، وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي "صَحِيحِهِ" فِي النَّوْعِ السَّابِعِ وَالسِّتِّينَ، مِنْ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ: عَنْ جَرِيرِ بْنِ
حَازِمٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: أَصْبَحْتُ أَنَا وَحَفْصَةُ صَائِمَتَيْنِ مُتَطَوِّعَتَيْنِ، الْحَدِيثَ. وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ