نصب الرايه (صفحة 958)

قَالَ مَا أَجِدُهَا، قَالَ: فَصُمْ شَهْرَيْنِ، قَالَ: مَا أَسْتَطِيعُ، قَالَ: فَأَطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا"، وَاسْتَدَلَّ الْمُصَنِّفُ أَيْضًا عَلَى أَنَّ الْكَفَّارَةَ فِي هَذَا الْبَابِ كَكَفَّارَةِ الظِّهَارِ، وَفِيمَا تَقَدَّمَ كِفَايَةٌ.

الْحَدِيثُ الرَّابِعَ عَشَرَ: رُوِيَ أَنَّ أَعْرَابِيًّا أَتَى النَّبِيَّ عليه السلام، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلَكْتُ، وَأَهْلَكْتُ، فَقَالَ: "مَاذَا صَنَعْتَ؟ قَالَ: وَاقَعْتُ امْرَأَتِي فِي نَهَارِ رَمَضَانَ مُتَعَمِّدًا، فَقَالَ: أَعْتِقْ رَقَبَةً، قَالَ: لَا أَمْلِكُ إلَّا رَقَبَتِي هَذِهِ، قَالَ: فَصُمْ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ، فَقَالَ: وَهَلْ جَاءَنِي مَا جَاءَنِي إلَّا مِنْ الصَّوْمِ، فَقَالَ: أَطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا، فَقَالَ: لَا أَجِدُ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنْ يُؤْتَى بِفَرَقٍ مِنْ تَمْرٍ ويروى بفرق فِيهِ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا وَقَالَ: فَرِّقْهَا عَلَى الْمَسَاكِينِ، فَقَالَ: وَاَللَّهِ لَيْسَ بَيْنَ لَابَتَيْ الْمَدِينَةِ أَحَدٌ أَحْوَجَ مِنِّي، وَمِنْ عِيَالِي، فَقَالَ: كُلْ أَنْتَ وَعِيَالُك يُجْزِئُك، وَلَا يُجْزِئُ أَحَدًا بَعْدَك".

قُلْت: أَخْرَجَ أَصْحَابُ الْكُتُبِ السِّتَّةِ1 عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ حُمَيْدٍ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: أَتَى رَجُلٌ النَّبِيَّ عليه السلام، فَقَالَ: هَلَكْتُ، قَالَ: "مَا شَأْنُكَ؟، قَالَ: وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي فِي رَمَضَانَ، قَالَ: فَهَلْ تَجِدُ مَا تُعْتِقُ رَقَبَةً؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تُطْعِمَ سِتِّينَ مِسْكِينًا؟ قَالَ: لَا، قَالَ: اجْلِسْ، فَأَتَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِفَرَقِ فِيهِ تَمْرٌ، فَقَالَ: تَصَدَّقْ بِهِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا أَهْلُ بَيْتٍ أَفْقَرُ مِنَّا، فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى بَدَتْ ثَنَايَاهُ2 وَفِي لَفْظٍ: أَنْيَابُهُ، وَفِي لَفْظٍ: نَوَاجِذُهُ ثُمَّ قَالَ: خُذْهُ فَأَطْعِمْهُ أَهْلَك"، انْتَهَى. وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ: "وَطِئْتُ امْرَأَتِي فِي رَمَضَانَ نَهَارًا"، وَعِنْدَ مَالِكٍ فِي "الْمُوَطَّأِ"3: "أَصَبْت أَهْلِي، وَأَنَا صَائِمٌ فِي رَمَضَانَ"، وَفِي لَفْظٍ لِأَبِي دَاوُد: زَادَ الزُّهْرِيُّ: وَإِنَّمَا كَانَ هذا رخصة له خاصة، وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا فَعَلَ ذَلِكَ الْيَوْمَ لَمْ يَكُنْ له بُدٌّ مِنْ التَّكْفِيرِ، وَفِي لَفْظٍ فِي "الصَّحِيحَيْنِ"4: احْتَرَقْت، مَوْضِعَ هَلَكْت، وَفِيهِمَا مَا يَدُلُّ لِجُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّهُ فِي الْعَامِدِ، لِأَنَّ النَّاسِيَ غَيْرُ هَالِكٍ، وَلَا مُحْتَرِقٍ، عَلَى أَنَّهُ جَاءَ فِي رِوَايَةٍ مُرْسَلَةٍ، التَّصْرِيحُ بِالْعَمْدِ، أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي "كِتَابِ الْعِلَلِ"5 عَنْ سَعِيدِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015