نصب الرايه (صفحة 929)

انْتَهَى. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَهَذَا مَعَ إرْسَالِهِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: مُدَّيْنِ مِنْ حِنْطَةٍ تَفْسِيرًا مِنْ سَعِيدٍ، قَالَ صَاحِبُ "التَّنْقِيحِ": قَدْ جَاءَ مَا يَرُدُّ هَذَا، فَرَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ حَدَّثَنَا هُشَيْمِ عَنْ عَبْدِ الْخَالِقِ الشَّيْبَانِيِّ، قَالَ: سَمِعْت سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ، يَقُولُ: كَانَتْ الصَّدَقَةُ تُدْفَعُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبِي بَكْرٍ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ، وَرَوَاهُ الطَّحَاوِيُّ، وَرَوَاهُ أَبُو عُبَيْدٍ فِي "كِتَابِ الْأَمْوَالِ" حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ إبْرَاهِيمَ ثَنَا عَبْدُ الْخَالِقِ بْنُ سَلَمَةَ1 الشَّيْبَانِيُّ بِهِ، قَالَ: كَانَتْ صَدَقَةُ الْفِطْرِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: صَاعَ تَمْرٍ، أَوْ نِصْفَ صَاعِ حِنْطَةٍ عَنْ كُلِّ رَأْسٍ، انْتَهَى. وَقَالَ هُشَيْمِ2: أَخْبَرَنِي سُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ ذَكَرَ صَدَقَةَ الْفِطْرِ، فَحَضَّ عَلَيْهَا، وَقَالَ: "نِصْفُ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ، أَوْ صَاعُ تَمْرٍ، أَوْ شَعِيرٍ عَنْ كُلِّ حُرٍّ وَعَبْدٍ، ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى"، قَالَ الطَّحَاوِيُّ3: حَدَّثَنَا الْمُزَنِيّ ثَنَا الشَّافِعِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ حَسَّانَ عَنْ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ عُقَيْلِ بْنِ خَالِدٍ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ خَالِدِ بْنِ مُسَافِرٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَضَ زَكَاةَ الْفِطْرِ مَدَّيْنِ مِنْ حِنْطَةٍ، انْتَهَى. قَالَ فِي "التَّنْقِيحِ": وَهَذَا الْمُرْسَلُ إسْنَادُهُ صَحِيحٌ كَالشَّمْسِ، وَكَوْنُهُ مُرْسَلًا لَا يَضُرُّ، فَإِنَّهُ مُرْسَلُ سَعِيدٍ، وَمَرَاسِيلُ سَعِيدٍ حُجَّةٌ، انْتَهَى. وَمِنْ طَرِيقِ الشَّافِعِيِّ أَيْضًا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ4، وَنَقَلَ عَنْ الشَّافِعِيِّ رضي الله عنه، قَالَ: حَدِيثُ مُدَّيْنِ خَطَأٌ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَهُوَ كَمَا قَالَ، فَإِنَّ الْأَخْبَارَ الثَّابِتَةَ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ التَّعْدِيلَ بِمُدَّيْنِ كَانَ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، انْتَهَى. قَالَ الشَّيْخُ فِي "الْإِمَامِ": وَهَذَا طَرِيقٌ اسْتِدْلَالِيٌّ غَيْرُ رَاجِعٍ إلَى حَالِ الرُّوَاةِ، وَإِلَّا فَالسَّنَدُ كُلُّهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ، وَمَرَاسِيلُ سَعِيدٍ اُشْتُهِرَ تَقْوِيَتُهَا، وَكَلَامُ الشَّافِعِيِّ فِيهَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، انْتَهَى كَلَامُهُ.

وَفِي الْبَابِ حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَاهُ ابْنُ سَعْدٍ فِي "الطَّبَقَاتِ"، وَسَيَأْتِي فِي آخِرِ الْبَابِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

أَحَادِيثُ الْخُصُومِ: أَوَّلُهَا حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ مُسْتَوْفًى فِي "أَوَّلِ الْفَصْلِ".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015