الْحَدِيثُ الْعَاشِرُ: حَدِيثُ بَيَانِ زَكَاةِ الْغَنَمِ فِي كِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَكِتَابِ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه، قُلْت: تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ أَنَسٍ، وَفِي كِتَابِ عُمَرَ، وَفِي كِتَابِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ.
قَوْلُهُ: وَالضَّأْنُ وَالْمَعْزُ فِيهِ سَوَاءٌ، لِأَنَّ لَفْظَةَ الْغَنَمِ شَامِلَةٌ لِلْكُلِّ، وَالنَّصُّ وَرَدَ بِهِ، قُلْت: الضَّمِيرُ فِي بِهِ رَاجِعٌ إلَى الْغَنَمِ، مَذْكُورٌ فِي كِتَابِ أَنَسٍ، قَالَ: وَفِي الْغَنَمِ فِي سَائِمَتِهَا إذَا كَانَتْ أَرْبَعِينَ إلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ شَاةٌ، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ1.
الْحَدِيثُ الْحَادِيَ عَشَرَ: قَالَ عليه السلام: "إنَّمَا حَقُّنَا الْجَذَعَةُ، وَالثَّنِيُّ"، قُلْت: حَدِيثٌ غَرِيبٌ، وَبِمَعْنَاهُ مَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد، وَابْنُ مَاجَهْ فِي "الضَّحَايَا"2 عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يُقَالُ لَهُ: مُجَاشِعٌ، مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ، فَعَزَّتْ الْغَنَمُ، فَأَمَرْنَا مُنَادِيًا فَنَادَى: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "إنَّ الْجَذَعَ يُوَفِّي مَا يُوَفِّي مِنْهُ الثَّنِيُّ"، انْتَهَى. وَرَوَاهُ أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ"3 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ ثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ رَجُلٍ مِنْ مُزَيْنَةُ. أَوْ جُهَيْنَةَ، قَالَ: كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا كَانَ قَبْلَ الْأَضْحَى بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ، أَعْطَوْا جَذَعَيْنِ، وَأَخَذُوا ثَنِيًّا، فَقَالَ عليه السلام: "إنَّ الْجَذَعَةَ تُجْزِئُ مِمَّا تُجْزِئُ مِنْهُ الثَّنِيَّةُ"، انْتَهَى. وَمِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ رَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي "الْمُسْتَدْرَكِ فِي الضَّحَايَا"، وَصَحَّحَهُ، وَعَاصِمُ بْنُ كُلَيْبٍ أَخْرَجَ لَهُ مُسْلِمٌ، وَقَالَ أَحْمَدُ رضي الله عنه: لَا بَأْسَ بِحَدِيثِهِ، وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحٌ، وَقَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: لَا يُحْتَجُّ بِهِ إذَا انْفَرَدَ، قَالَهُ الْمُنْذِرِيُّ.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد4، وَالنَّسَائِيُّ، وَأَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ" عَنْ زَكَرِيَّا بْنِ إسْحَاقَ حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ شُعْبَةَ5 عَنْ سِعْرٍ، قَالَ: جَاءَنِي رَجُلَانِ، مُرْتَدِفَانِ، فَقَالَا: إنَّا رَسُولَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَنَا إلَيْك لِتُؤْتِيَنَا صَدَقَةَ غَنَمِك، قُلْت:
وَمَا هِيَ؟ قَالَا: شَاةٌ، قَالَ: فَعَمِدْتُ إلَى شَاةٍ مُمْتَلِئَةٍ مَخَاضًا وَشَحْمًا، فَقَالَا: هَذِهِ شَافِعٌ، وَقَدْ نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَأْخُذَ شَافِعًا، وَالشَّافِعُ: الَّتِي فِي بَطْنِهَا وَلَدُهَا، قُلْت: فَأَيَّ شَيْءٍ تَأْخُذَانِ؟ قَالَا: عَنَاقًا، جَذَعَةً، أَوْ ثَنِيَّةً، فَأَخْرَجْتُ إلَيْهِمَا عَنَاقًا، فَتَنَاوَلَاهَا، انْتَهَى.